نام کتاب : روض الجنان في شرح ارشاد الأذهان ( ط.ج ) نویسنده : الشهيد الثاني جلد : 1 صفحه : 391
إسم الكتاب : روض الجنان في شرح ارشاد الأذهان ( ط.ج ) ( عدد الصفحات : 463)
فإن قيل : وجود الكثرة كافية في ذلك ، فلا فائدة للمادّة حينئذٍ . قلنا : جاز كونهما سببين وإن اختلفا حكماً لأنّ مبنى شرعنا غالباً على اختلاف المتّفقات . ومنها : صحيحة عبد اللَّه بن أبي يعفور عن الصادق عليه السلام قال : « إذا أتيت البئر وأنت جنب ولم تجد دلواً ولا شيئاً تغترف به فتيمّم بالصعيد الطيّب فإنّ ربّ الماء ربّ الصعيد ، ولا تقع في البئر ولا تفسد على القوم ماءهم » [1] أوجب التيمّم بصيغة الأمر المشروط بعدم الماء الطاهر ، فلا يكون الماء طاهراً على تقدير الوقوع والاغتسال ، ونهى عن الوقوع في البئر وعن إفساد الماء ، والمفهوم من الإفساد النجاسة . وحمله على نجاسته بغيره بعيد لأنّ ظاهره استناد الإفساد إلى الوقوع وهو غير مغيّر لحالها . وللزوم تأخير البيان عن وقت الحاجة . قيل : لا يتمّ الاحتجاج بهذا الحديث على النجاسة لأنّ بدن الجنب إذا كان طاهراً كما هو المفروض والمفهوم من الحديث والمعلوم من غيره ، كحديث الحلبي ، المتضمّن نزح سبع دلاء [2] إذ نجاسة المنيّ توجب عند القائل بالتنجيس نزح الجميع ، وبه صرّحوا كلَّهم كيف يحكم بنجاسة البئر بملاقاته مع أنّ نجاسة بدن الجنب حكميّة وهميّة ومثلها لا تتعدّى ! ؟ فإنّ الجنب لو غسل في ماء قليل ، لم ينجس إجماعاً ، فالبئر أولى لمكان المادّة . قلنا : هذا مجرد استبعاد ، كيف لا ! وقد اشتمل البئر على أحكام مختلفة واتفاق حكم نجاسات متباينة ، ومن أين علم تأثير النجاسات الخاصة في الماء وغيره إلا من قِبَل الشارع ؟ فلا يبعد القول بانفعال ماء البئر بذلك وإن لم نقل بانفعال المستعمل لجواز اختصاصه بالتأثّر ممّا لا يتأثّر به غيره ، والذي نجّسه بتلك الأشياء هو الذي نجّس هذا الماء بهذه الأشياء ، ويؤيّده أنّ الحكم مختصّ باغتسال الجنب دون غيره ممّن يجب عليه الغسل ، كالحائض . قيل : الإفساد أعمّ من النجاسة لجواز إرادة الإفساد بثوران الحمأة [3] والطين . قلنا : قد ورد الإفساد في أحاديث الفريقين ، فمهما اعترض أحدهما فهو جواب الآخر ،