ولم يُكْتَفَ بنيّة أحدِهما عن الآخَرِ لقوله صلَّى اللهُ عليه وآله : « وإنّما لِكلّ امرئٍ ما نوى » [1] . وهو باطل بغير خلافٍ ، وإنّما المرتفِعُ بالغُسل هو الحدث الأكبرُ المنويّ ورفعهُ يَقْتضي رفعَ الأصغرِ على طريقِ الاستتباعِ ، وحينئذٍ فلا يكون الأصغرُ مُبْطِلًا لصلاحيّةِ تأثيرِ البعضِ في الإباحةِ منه ، لانتفاءِ الصلاحيّةِ حينئذٍ أصلًا ورأساً .
ج : أصالة البراءة من وجوبِ الإعادةِ والوضوءِ كذلك .
د : قوله تعالى : « ولا تُبْطِلُوا أَعْمالَكُمْ [2] والنهي للتحريم .
ه : الاستصحابُ فإنّ الصحّةَ معلومة قبلَ تخلَّلِ الحدثِ فكذا بعده لانتفاء ما يدّلُ على الإبطالِ .
و : وجوبُ الإعادةِ في غُسلِ الجَنابةِ مع العدم في غيرِه ممّا لا يجتمعان ، والثاني ثابت فينتفي الأوّلُ بيان التنافي أنّ القائلينَ بوجوبِ إعادةِ الغُسلِ بتخلَّلِ الحدثِ لم يُفَرّقوا بينَ الجَنابةِ وغيرها وأمّا ثبوتُ الثاني فلانتفاء المقتضي للإعادة في غير الجَنابة لأنّ الحدث يقارنه ويبقى بعدَه إذ لا يَرتَفِعُ به ، فلا تَنافيَ بينهما بحالٍ .
حجّةُ الثالث : أنّ الحدثَ الأصغَر موجِب للوضوءِ وليس موجِباً للغسلِ

[1] « تهذيب الأحكام » ج 1 ، ص 83 ، ح 218 ، باب صفة الوضوء والفرض منه و ، ح 67 ، و ج 4 ، ص 186 ، ح 519 ، باب نيّة الصيام ، ح 2 « صحيح البخاري » ج 1 ، ص 3 ، ح 1 ، باب كيف كان بدء الوحي « صحيح مسلم » ج 3 ، ص 1515 - 1516 ، ح 1907 ، كتاب الإمارة ، ح 155 ، باب قوله صلَّى اللهُ عليه [ وآله ] وسلم : إنّما الأعمال بالنيّة « سنن ابن ماجة » ج 2 ، ص 1413 ، ح 4227 ، باب النيّة « سنن الدارقطني » ج 1 ، ص 51 ، باب النيّة ، ح 1 « سنن أبي داود » ج 2 ، ص 262 ، ح 2201 ، باب فيما عني به الطلاق والنيّات « سنن الترمذي » ج 4 ، ص 179 - 180 ، ح 1647 ، باب ما جاء فيمن يقاتل رئاءً وللدنيا « سنن النسائي » ج 6 ، ص 158 - 159 ، باب الكلام إذا قُصِدَ به فيما يحتمل معناه . وانظر « غاية المراد » ج 1 ، ص 36 الهامش « منية المريد » ص 133 .
[2] محمّد صلَّى الله عليه وآله ( 47 ) : 33 .

138