فإذا عرفت هذا فاعلم أنا لم نجد بعد الرسول : صلى الله عليه وآله من اتّفقت الأُمّة على عظم شأنه وجلالة قدره وغزارة علمه واتّصافه بجميع مكارم الأخلاق ، ولم ينقل عنه مَثلَبة ولا منقصة ولا ذنب لا في حال طفولته ولا غيرها ، وعلى شدّة حبّ النبيّ : صلى الله عليه وآله وعلى أمره باتّباعه ، إلَّا عليّاً : وفاطمة : والحسن : والحسين : وعلي بن الحسين زين العابدين عليه السلام : ومحمّد بن علي الباقر : وجعفر بن محمّد الصادق : وموسى بن جعفر الكاظم : وعلي بن موسى الرضا : ومحمّد بن علي الجواد : وعلي بن محمّد الهادي : والحسن بن علي العسكري : والمهدي بن الحسن : ، إمام هذا الزمان عجّل الله فرجه ، وأظهر به دينه . ولم ينقل عن أحد من هذه الأُمّة غير هؤلاء معجزة ولا مكرمة تشابه معاجز الرسل وتدلّ على عصمتهم ، وإنما نُقلت عنهم وصدرت منهم كما نقله محبّهم ومبغضهم ، وهذه الرسالة لا تسع ذلك ، وقد ملئت بها كتب الخاصّة والعامّة [1] ، ولم يدّعِ أحد العصمة ولا ادّعاها له أحد غيرهم صلوات الله وسلامه عليهم بل كلّ مَن ترأس في هذه الأُمّة وقع منه ما ينافي استحقاقه للرئاسة والإمامة ، التي هي عهد الله الذي لا يناله ظالم ، وخلافة الله الكبرى التي تعالى الله أن يلبسها مَن تصدر عنه معصية فضلًا عمّن صدر عنه الكفر .
[1] كما في ينابيع المودّة للقندوزي الحنفي ، وفرائد السمطين للجويني ، وخصائص النسائي ، وتذكرة الخواصّ لسبط ابن الجوزي ، ونور الأبصار في مناقب آل بيت النبيّ المختار للشيخ مؤمن الشبلنجي ، والنور المشتعل لأبي نعيم الأصفهاني ، وذخائر العقبى للمحبّ الطبري ، وغيرها كثير .