في أخبارنا ؛ فإن أراد به ما جاء عنهم عليهم السلام من أن « صلاة النهار عجماء ، وصلاة الليل جهر [1] » ، وأن « السنّة في صلاة النهار بالإخفات ، والسنّة في صلاة الليل بالجهر [2] » ، فيشمل القراءة والتسبيح ، فليس بنافع ؛ لأن عموم هذه الأخبار إنما يدلّ على أن التسبيح في صلاة الليل جهر ، وفي صلاة النهار إخفات ، وهم لا يلتزمونه . وإن أراد به ما ذكره المحقّق في ( المعتبر ) [3] وعلَّامة ( المنتهى ) [4] وهو نفسه في ( الذكرى ) [5] من الخبر النبويّ المتقدّم من أن رسول الله صلى الله عليه وآله : كان يجهر في صلاة الغداة وأُوليي العشاءين ويخفت في ما عداها ، فليس بنافع أيضاً ، لأنه مختصّ بالقراءة ولا يمكن التزام عمومه في سائر الأذكار ؛ لأنه يؤدّي إلى سقوط رجحان الجهر للإمام في أذكار الصلاة كلَّها جهريّة وإخفاتيّة ، ومسقط للتخيير للمنفرد لكون الأذكار تابعة للقراءة على التقدير الأوّل ، أو إنها كلَّها إخفات لهذا الحديث الثاني ؛ لأن رسول الله صلى الله عليه وآله : أخفت في ما عدا هذه الركعات الشاملة للقراءة والأذكار ، ولا قائل به . وقد عرفت أن قوله في صحيح أبي خديجة : « كما يسبّح القوم [6] » إشارة إلى الكيفيّة ، وهي كون التسبيحات الأربع على هذا النحو المذكور من الترتيب والهيئة المذكورة . وبالجملة ، فهذه الأخبار لا دلالة فيها على ما ادّعي من الإخفات بالتسبيح في الأخيرتين ، ومن ثمّ عدل عن هذا الحكم ابن إدريس : في سرائره [7] والعلَّامة : في ( التذكرة ) [8] وأحمد بن فهد : في مهذّبه [9] ، ومجرّد الشهرة غير كافٍ في الاستدلال .
[1] بحار الأنوار 82 : 202 / 15 . [2] تهذيب الأحكام 2 : 289 / 1161 . [3] المعتبر 2 : 176 . [4] منتهى المطلب 1 : 277 . [5] الذكرى : 189 . [6] تهذيب الأحكام 3 : 275 / 800 ، وسائل الشيعة 8 : 362 ، أبواب صلاة الجماعة ، ب 32 ، ح 6 ، وفيهما : « مثل ما » بدل : « كما » . [7] السرائر 1 : 222 . [8] تذكرة الفقهاء 3 : 145 / المسألة : 229 . [9] المهذّب البارع 1 : 377 378 ، وفيه : ( وهل يجب الإخفات فيه ؟ قال الشهيد : نعم . وبعدمه قال ابن إدريس ) .