< فهرس الموضوعات > الفصل الثالث في النبوّة < / فهرس الموضوعات > الفصل الثالث في النبوّة < فهرس الموضوعات > الغرض من بعثة الأنبياء < / فهرس الموضوعات > الغرض من بعثة الأنبياء اعلم [ أنه ] لمّا خلق الله تعالى البشر كذلك ، وقد أخرجهم من بطون أُمّهاتهم لا يعلمون شيئاً ولا يدرون ماذا يريد منهم خالقهم ، ولا ما يقرّبهم لرضاه أو يبعدهم منه ، ولم يخلقهم لهذه الدنيا ، لأنها فانية منقطعة ، ولا يناسب جناب القدّوس والرحمة ، الحكيم القادر العليم أن يخلق خلقه ليبقوا مدّة يسيرة ثمّ يفنوا ، خصوصاً [1] هذه الدار ، أعني : دار النكد والبليّات والمحن والآفات . فإذن إنما خلقهم للبقاء الدائم والراحة الأبديّة وليدوم جوده [2] وفضله ونعمه عليهم . وهذا لا يمكن كونه في الدنيا لفنائها وانقطاعها . فثبت أن لله داراً غير هذه ، هي التي لا تزول ولا تفنى ، ولكنّها لا تدرك ولا يوصل إليها إلَّا بالعلم با لله وصفاته وأفعاله ، وبأعمال مخصوصة ، والناس لا يعلمونها ، فوجب بمقتضى عدله وحكمته ورحمته أن يبعث لهم رسلًا مبشّرين ومُنذِرين يهدونهم لما يقرّبهم من رضوان الله ، يعرّفونهم ما يوجب سخط الله والبعد من رحمته .
[1] في المخطوط بعدها : ( و ) . [2] في المخطوط : ( وجوده ) .