رأس ظلّ المخروط على دائرة نصف النهار فوق الأرض ، ويكون المخروط حينئذٍ إمّا قائماً أو مائلًا إلى جهة الجنوب أو الشمال مع تساوي بعده عن جهة المشرق والمغرب . ثمّ إذا زال الليل مال رأس المخروط عن دائرة نصف النهار إلى جهة المغرب ، وأخذت الظلمة إلى الانتقاص وإن لم يظهر ذلك حسّا ، وانقلبت الحالات الواقعة في النصف الأوّل فيميل النور إلى جهة المشرق حتّى يصير النور المستطيل في الأُفق الشرقيّ ، ثمّ الفجر المعترض ، ثمّ الصفرة والحمرة المشرقيّتان ، إلى أن تطلع الشمس من المشرق . وفي هذا حالات تقليب للحالة الاولى وانعكاس لأمرها . وكذلك إذا طلع الشمس من المشرق كثر النور في الجهات الشرقيّة والظلّ ممتدّ من جهة المغرب ، وكلَّما ارتفعت نقص الظلّ وازداد النور والشعاع ، وجميع ما يترتّب على ذلك ، حتّى إذا زالت الشمس انعكس الأمر وانقلب الحال فصارت الجهات الغربيّة في حكم الشرقيّة وبالعكس ) [1] ، انتهى . وعنى بصاحب هذا الكلام الفاضل الخراسانيّ : في رسالته الموضوعة في هذه المسألة ، فقد اختار أن النهار من الطلوع إلى الغروب ، وأطال في الاستدلال بطرق مختلفة . وجميع ما ذكره من تفصيل حالات الليل والنهار لا يشكّ فيه من له أدنى أثارة من علم ، فإن الليل عبارة عن وقوع مخروط ظلّ الأرض ممّا يلي المعمور ، وهو لا يكون إلَّا بهذا الترتيب . وقد اتّفق الفلكيّون والمقوّمون والمنجّمون وأهل الأرصاد والزيجات على أن الليل عبارة عن ذلك ؛ ولذا يعبّرون عن زمان طلوع الكوكب بقوس نهاره ، وعن مدّة كونه تحت الأُفق بقوس ليله ، فقوس ليل الشمس أي مدّة كونها تحت الأُفق هو الليل ، وقوس نهارها أي مدّة كونها فوق الأُفق هو الليل ، فما لم تطلع فالليل باقٍ .