الله له عشراً ، ويهمّ بالسيِّئة أن يعملها فإن لم يعملها لم يُكتب عليه شيء ، وإن هو عملها أُجِّلَ سبع ساعات ، وقال صاحب الحسنات لصاحب السيِّئات وهو صاحب الشمال - : لا تعجل عسى أن يتبعها بحسنة تمحوها ؛ فإنَّ الله عزّ وجلّ يقول * ( إِنَّ الْحَسَناتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئاتِ ) * [1] ، أو الاستغفار ، فإن هو قال : أستغفر الله الذي لا إله إلَّا هو عالم الغيب والشهادة العزيز الحكيم الغفور ، الرحيم ذو الجلال والإكرام وأتوب إليه ، لم يُكتب عليه شيء ، وإن مضت سبع ساعات ولم يُتبعها بحسنة واستغفار قال صاحب الحسنات لصاحب السيِّئات : اكتب على الشقيِّ المحروم [2] » . والمراد بلسانه الذي هو قلم الملك هو القوّة الناطقة المدركة للكلَّيّات فإن بها ترتسم صور المعلومات في لوح النَّفس التي هي مقرّ الصور العلميّة ، وفي لوحي الخيال والوهم ، وهي أعالي وجه النفس الكلَّيّة التي بها تتوجّه إلى ممدّها من العقل إن كانت مطمئنّة ، أو الجهل إن كانت أمارة ؛ ولذا ورد « إن صحيفة المَلكَ جبينه » . والمراد بريقه الذي هو مداد الكاتبين هو رطوبات فكره وخياله ووهمه ، المتولَّدة من هضم غذاء نفسه الذي منه تنمو صورتها ، وهو أعماله وعقائده ؛ فإنها غذاء النفس ، وهي عذبة طيّبه إن كانت النفس مطمئنّة والعقائد والأعمال حقّة ، [ و ] ملح اجاج منتن إن كانت أمارة والعقائد والأعمال باطلة ؛ فإن غذاء المطمئنّة من فضل شجرة المُزنِ [3] وغذاء الأمّارة من فضل شجرة الزقّوم . ولكن لمّا كتب عزّ وجلّ على نفسه الرحمة اقتضى أن تُرسم الطاعة وتُثبت لفاعلها عند فعلها ، وأن يُمهَل فاعل المعصية سبع ساعات بعدد دركات جهنّم وأبوابها السبعة ؛ لِما علمت من أن المعصية مبدؤها شجرة الزقوم ، ففي كلّ ساعة يصعد دخان المعصية الثائر من تلك الشجرة إلى مرتبة من مراتب نفسه الأمّارة
[1] هود : 114 . [2] الكافي 2 : 429 430 / 4 . [3] ورد في الحديث الشريف عن الصادق عليه السلام : « إن في الجنّة لشجرة تسمّى المزن ، فإذا أراد اللَّه أن يخلق مؤمناً أقطر منها قطرة ، فلا تصيبُ بقلة ولا ثمرة أكل منها مؤمن أو كافر إلَّا أخرج اللَّه عزّ وجلّ من صلبه مؤمناً » . الكافي 2 : 14 / 1 .