المشرق على وجه الجدار ، ظَهرَ بسبب حيلولة كثافة إنّيّة الجدار وماهيّته بين نور شعاع الشمس وبين محلَّه . فهو في الحقيقة نقطة لا فاضل له ؛ لاستحالة أن يكون للعدم فضل يُفيضه على مجاورة ؛ لأنّه لو فُرِضَ له فاضل لكان ؛ إمّا أقوى منه وأشدّ عدميّة وظلمة فيثبت له من معنى حقيقة أصله وعلَّته ما هو أشد فعليّة منه ، أو أضعف ظلمة وعدميّة ، وهذا لا يكون إلَّا بممازجته وخلطه بشيءٍ من النور والوجود . وكلاهما محال ؛ لما يلزمهما من أشرفيّة الفرع على الأصل في تحقّق الحقيقة ، أو إلباس الفرعِ كمالًا ليس هو لأصله ، فلا يكون منه ، فليس هو فرعه ، وقد فُرِض أنه فرعه ، بل يلزم انقلاب الأصل فرعاً في الوجهين . وإن أسف على نيّته وهمّه بالمعصية لم يُكتب عليه إثم ، ومحا من نفسه أثرَ تلك النيّة ؛ لأن ندمه توبة ، وبها يُمحى أثر فعل المعصية فضلًا عن نيّتها . وكذا لو أعرض عن فعلها ونيّتها ؛ لانصراف شهوته ، أو ذهوله ونسيانه ولم يفعل ، لم يُكتب عليه شيء بفضل رحمة الله وجوده ، ومحا إثمَ ذلك الهمّ والنيّة من نفسه ؛ لأنّه محا تلك النيّة من لوح نفسه ، فإن الحقّ أنه يأثم على نيّة المعصية كما يُثاب على نيّة الطاعة ، ويزداد نور نيّة الطاعة وظلمة نيّة المعصية في نفسه ، ويدوم بقدر اشتداد نيّته وتأكَّد عزمه . ودوام ذلك منه حتّى لو مات على نيّة أن يعصي أبداً ، ولو خلد أبداً عُذّبَ دائماً أبداً بتلك النيّة ، إلا أن يكون مؤمناً فتتداركه شفاعة محمّد : وأهل بيته ، صلَّى الله عليه وآله أجمعين . ويدلّ على ذلك الأخبار والاعتبار وقواعد العدل . < فهرس الموضوعات > الدليل من الأخبار على الإثابة على نيّة الطاعة < / فهرس الموضوعات > الدليل من الأخبار على الإثابة على نيّة الطاعة فأمّا الدليل على أنه يُثاب على نيّة الطاعة كلَّيّة وجزئيّة مع الفعل ، وكلَّيّة ولو لم يعملها إن كان المنويّ مندوباً ، فكثير من الأخبار [1] واجباً كان أو مندوباً ، أو تركه لمانع قهريّ مع بقائه على نيّة العمل ما تمكَّن منه إلَّا أن يكون ما نواه ولم يعمله
[1] انظر وسائل الشيعة 1 : 49 ، أبواب مقدِّمة العبادات ، ب 6 .