أحدها : أن محمَّداً صلى الله عليه وآله : مظهر العقل الكلَّيّ الذي هو أوّلُ ما خلق الله ، فقال له « أقبل فأقبل ، ثم قال له : أدبر ، فأدبر [2] » ، وخلق بخلقه ضدّه وهو الجهل ، وقد ظهرت في هذه النشأة دولة الجهل الكاملة الَّتي أوجبت استتار الإمام وعمل النبيّ : والأئمّة بعده صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين بالتقيّة . فلا بدّ أن تظهر دولة لمحمّد صلى الله عليه وآله : لكمال دولة العقل وجنوده ، وذلك لا يكون إلَّا بالرجعة ؛ لأن القائم عليه السلام : يقتل . ولازم ظهور دولة العقل كمال الظهور أن تطَّهّر الأرض من الكفر والشرك والنفاق ، حتّى لا يعبد إلَّا الله سرّاً وعلانية ، وهذا لا يكون مع وجود من يقتل الإمام . وثانيها : أن الله كما أحبّ أن يعبده العقل وجنوده وأوّل العابدين بكمال السرّ ، أحبّ أن يعبده بكمال العلانية ، حتّى يستكمل العابد وجنوده جميع مراتب العبادة ، فإن بها كمال وجود الخلق ، لأن الله إنما خلق الخلق ليعبدوه ، ولو أن المكلَّفين أطبقوا على ترك عبادة ولو مستحبّة حتّى لا يوجد عامل بها غير الإمام لم يمهلوا . وثالثها : أن مظهر الجهل له فعليّة ، وتتحقّق في هذه النشأة من كلّ وجه بها يتحقّق امتلاء الأرض ظلماً وجوراً ، فلا بدّ من أن يكون لمظهر العقل وهو محمّد : وخلفاؤه صلوات الله عليهم تحقّق وفعليّة فيها كاملة من كلّ وجه بها يكون الدين كلَّه لله . ولا يتمّ هذا ويصدق إلَّا بالرجعة . والوجوه كثيرة لا تخفى على العارف ، والاستعجال أوجبَ الاقتصار . ومنها : ما ثبت بالبرهان المتضاعف من وجوب تطابق البداية والنهاية ، وأن أوّل الفكر آخر العمل ، وأن العلَّة الغائيّة هي علَّة فاعليّة الفاعل ، فهي أوّل وآخر ، ووجوب تطابق قوسي دائرة المبدأ والمعاد . إذا تعقّلت هذا فاعلم أن محمَّداً صلى الله عليه وآله : وخلفاءه الاثني عشر عليهم السلام هم أوّل العابدين الداعين إلى الله ، الدالَّين عليه في مقام * ( أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ ) * [1] وقبله وبعده ، وفي كلّ مقام . فلا بدّ أن يكونوا أجمعين آخر العابدين الدالَّين على الله ، الهادين إليه ، وأنهم