نام کتاب : رسالتان في الخراج نویسنده : المحقق الأردبيلي جلد : 1 صفحه : 8
شيئا من الثياب النفيسة لبسها ، وتكرر أنه أهديت إليه عمائم غالية فيلبسها ويخرج بها إلى الزيارة ، فإذا طلب شيئا منها أحد السائلين خرق منها قطعة لأجله ، وهكذا ، حتى لا يبقى على رأسه عند عودته لبيته من تلك العمامة النفيسة سوى ذراعا واحدا ! [1] . ومن صبره على القناعة عند الضيق كان يلبس ما يصل إليه من طريق الحلال ولو كان رديا أو رثا ، حتى حكي أنه لرثاثة أثوابه أصابه بعض زوار النجف في الطريق فلم يعرفه ، فطلب منه أن يغسل ثياب سفره وقال : أريد أن تزيح عنها درن الطريق وتجيئني بها . فتقبل منه ذلك وباشر بنفسه قصارتها وتبييضها إلى أن فرغ منها فجاء بها إلى ذلك الرجل ليسلمها إياه ، فاتفق أن عرفه الرجل في هذه المرة وجعل الناس يوبخونه على ذلك العمل وهو يمنعهم عن الملامة ويقول : إن حقوق إخواننا المؤمنين أكثر من أن يقابل بها غسل الثياب ! . ولعل العمامة والثياب النفيسة التي كانت تهدى إليه كانت من الشاه عباس الصفوي فكان لا يرد من أحد شيئا حتى من الشاه الصفوي ، بل يلبسها بالتماسه ، ولكنه بذلك يبدلها للسائلين بالتماسهم ، فكأن يده كانت اليد المحللة بين السلطان والناس . قال الخونساري في " روضات الجنات " : كان الشاه عباس الصفوي يبالغ في تعظيمه وتبجيله ويرسل إليه بكل جميل ، وهو في ذلك يستدعي من جنابه أن يتوجه إلى إيران ، ويتحاشى الشيخ في جوابه عن قبول ذلك ، ويؤكد على رضاه بما أنعم الله عليه من التوفيق للمقام في النجف الأشرف [2] ولعل ذلك أيضا كان من تقدسه واحتياطاته ، وإن كان لم يحترز عن قبول هداياه . * * *