إسم الكتاب : رسالة في العدالة ( بضميمة قاعدة « ما يضمن » و « حمل فعل المسلم على الصحة » ) ( عدد الصفحات : 301)

ويتواسون ؟ قلت : لا ، فقال ( عليه السلام ) : ليس هؤلاء شيعة ، الشيعة من يفعل هذا [1] .
فإنّ نفي الشيعة عمّن لا يجامع الصفات المذكورة لا يلازم نفي الإيمان ، والشيعة على ما يستفاد من أخبار أهل البيت أخصّ من المؤمن ، بل المستفاد منها أنّ الشيعة من يكون تالي المعصوم في مواظبة الطاعات ومجانبة المعاصي ، فيعتبر فيها ما لا يعتبر في الإيمان . ويرشد إليه كونها من المشايعة ، وهو المتابعة وزناً ومعنى ، كما صرّح به أهل اللغة .
نعم في خبر عبد الرحيم القصير عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) في حديث قال : الإسلام قبل الإيمان وهو يشارك الإيمان ، فإذا أتى العبد بكبيرة من كبائر المعاصي أو صغيرة من صغائر المعاصي التي نهى الله عنها كان خارجاً من الإيمان وثابتاً عليه اسم الإسلام ، فإن تاب واستغفر عاد إلى الإيمان ولم يخرج إلى الكفر والجحود والاستحلال ، فإذا قال للحلال : هذا حرام وللحرام هذا حلال ودان بذلك فعندها يكون خارجاً من الإيمان والإسلام إلى الكفر [2] .
إلاّ أنَّ الخطب في ذلك أيضاً سهل ، لأنّ التحقيق - على ما يستفاد من مجموع الأخبار المختلفة ، وهو المصرّح به في كلام جماعة - أنّ الإيمان له مراتب مختلفة ، وهو الباعث على اختلاف الروايات ، فأعلاها الاعتقاد بالعقائد الحقّة على وجه اليقين ، مع الإتيان بالواجبات والمستحبّات وترك جميع المحرّمات والمكروهات والتحلي بالأخلاق الكريمة والتخلّي عن الأخلاق الذميمة ، وهو المخصوص بأهل العصمة ، وأدناها الاعتقاد بالعقائد الحقّة من دون عمل ، وعليه مبنى الحديث المتقدّم عن أدنى ما يكون العبد به مؤمناً ، وبينهما متوسّطات ، كمن يعتقد العقائد الحقّة ويفعل جميع الواجبات ويترك كلّ المحرّمات ، ومن يعتقد العقائد الحقّة ويترك كبائر المعاصي ويأتي بالفرائض التي تركها كبيرة ، ومن يعتقد العقائد الحقّة ويجتنب المعاصي بعضها دون بعض ، كبيرة أو صغيرة ، مع الاصرار وعدمه .

[1] الوسائل 9 : 428 ب 27 من أبواب الصدقة ح 4 .
[2] الوسائل 28 : 354 - 355 ب 10 من أبواب حد المرتد ح 50 .

251