الهجرة حتى مع احتمال الموت ، وهل هناك ضرر دنيوي أعظم من مخاطر الموت .
ويؤيده ما جاء في أسباب نزول هذه الآية أيضاً ، أنه لما نزلت آيات الهجرة وبعثها المسلمون إلى من يعرفون من المسلمين والذين كانوا لا يزالون بين المشركين في مكة قرأها جندب بن ضمرة كما جاء في رواية المستدرك " قيل لما نزلت آيات الهجرة سمعها رجل من المسلمين وهو جندع أو جندب بن ضمرة وكان بمكة فقال : والله ما أنا ممن استثنى الله إني لأجد قوة وإني لعالم بالطريق وكان مريضا شديد المرض فقال لبنيه ، والله لا أبيت بمكة حتى أخرج منها فإني أخاف أن أموت فيها .
فخرجوا يحملونه على سرير حتى إذا بلغ التنعيم مات ، فنزلت الآية عن أبي حمزة الثمالي وعن قتادة وعن سعيد بن جبير " [62] فأي حرج أو ضرر أشد من مرض لا يقوى معه صاحبه إلا على أن يحمل بسرير ثم يموت على بعد عشرات أو مئات الأمتار ولم يكن ليقوم بهذا لولا أنه فهم من الآية وجوب الهجرة حتى مع هذا الحرج والضرر ، ثم تأتي الآية لتبشره بغفران الذنب والأجر العظيم ، والرحمة الواسعة .
ولا يقال أن فهمه ليس بحجة علينا بعد أن بشره الله تعالى بالأجر العظيم .

[62] بحار الأنوار ج 19 ص 30 .

70