إسم الكتاب : رسالة في التعرب بعد الهجرة ويليها نظرة في الحفاظ علي المجتمع المؤمن ( عدد الصفحات : 284)

الرضا ، وإن الزهد في آية من كتاب الله عز وجل { لِكَيْلا تَأْسَوْا عَلى ما فاتَكُمْ ولا تَفْرَحُوا بِما آتاكُمْ } [222] .
من هذه الآية المباركة والعشرات من الروايات والتي سنتعرض لبعضها إن شاء الله نستظهر : أن الزهد الذي هو عكس الرغبة لا يعني التخلي عن الملك في الدنيا ، ولا يعني ارتداء ثوب الفقر والتظاهر بهيئة المسكنة ، ولا الركون والمهانة كما قد يصوّره البعض ممن لا حظ له من المعارف الحميدة .
بل ورد إن الله سبحانه وتعالى إذا أنعم على عبد نعمة أحب أن تظهر عليه ففي الحديث الشريف عن أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عليه السّلام قَالَ : « إِذَا أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَى عَبْدِهِ بِنِعْمَةٍ فَظَهَرَتْ عَلَيْهِ سُمِّيَ حَبِيبَ اللَّهِ مُحَدِّثاً بِنِعْمَةِ اللَّه ، وَإِذَا أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَى عَبْدٍ بِنِعْمَةٍ فَلَمْ تَظْهَرْ عَلَيْهِ سُمِّيَ بَغِيضَ اللَّهِ مُكَذِّباً بِنِعْمَةِ اللَّهِ » .
ولا يعني أن من قصرت يده عن نيل زخارف الدنيا هو زاهد ، فلعل من لا يملك من الدنيا إلا ثوبا ، ومن الطعام إلا خبزا هو أشد الناس رغبة بحطام الدنيا ، وأعظمهم حسرة على ما فاته منها .
ولعل من كان تحت يده خزائن الأرض وزخارفها هو في نفسه يرى ملك الدنيا لا يساوي شيئاً في جنب طاعة الله والرغبة في مرضاته كما جاء في الحديث في وصف المؤمنين عن أمير المؤمنين عليه السّلام عظم الخالق في

[222] الخصال ج : 2 ص : 438 / والآية 23 من سورة الحديد .

201