والبدع وإن كانت على أنواع إلا أن أصغرها من الكبائر ومبدعها عليه وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة ، وكل بدعة ضلالة ، فعلى المسلمين لا سيّما العلماء منهم إنكار ذلك والانتصار للحق وبيان الحجج .
والمراعى في ذلك أهمية المورد فإذا كانت البدعة توجب الضلال وتعطيل الشعائر أو محوها ، فلا بدَّ من بيان الحق .
وبعبارة أصح : إذا كان المورد مما يهتم به الشارع الأقدس ولا يرضى بخلافه فلا بدَّ حينئذٍ من إظهار العلم وبيان الحجّة مهما كانت النتيجة : حصل التأثير أم لم يحصل ، ارتفعت البدعة أم لم ترتفع ، وسواء كان في ذلك حرج أو ضرر أم لم يكن .
فإن الوقوف في وجه البدعة على حسب الفرض لا تحكمه أدلة الحرج والضرر ، فلا موجب لرفع التكليف بل ، قيل بوجوب إظهار الحجج ودفع البدعة حتى لو استوجب ذلك بذل النفس ، لما مرّ من أهمية المحافظة على الدين الحنيف ، وأن لا شيء يقدّم عليه وليس جهاد الكفار والمشركين ولا الدفاع عن الأوطان بأولى من ذلك .
ومن المعلوم أنّ الوقوف بوجه البدعة أدّق وأصعب من الوقوف بوجه الكفر والشرك .
فإن الكفر والشرك يسهل بيان زيفه للمسلم ولغيره إذ أن الاعتقاد بواجب الوجود وتوحيده مما تساعد عليه الفطرة وترشد إليه الآيات الواضحة والروايات الكثيرة التي تفوق حدّ الإحصاء .

194