الأمر الثاني : المعاني العامة المستفادة من استعمال التعرب في الآيات والروايات .
إنّ استعمال التَعرُّب في هذه الروايات يدل على أن الذين أسلموا في بداية الدعوة وهاجروا إلى النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم وعاشوا حياة الإسلام وتعاليم الدين الحنيف وقد خرجوا من ظلمات الجهل إلى نور العلم والمعرفة بأحكام الإسلام - بنعمة النبوَّة وجهاد الرسول الأكرم صلّى الله عليه وآله وسلّم وخلفائه الأطهار عليهم السّلام والصلحاء من التابعين الأوائل - لا يصح بل يحرم عليهم أن يعودوا إلى حياة الأعراب حياة الجاهلية العمياء - كما سيتضح قريباً عند التعرض لمعنى التَعرُّب - إذ انّ حياة الأعراب حياة بعيدة عن العلم والتحضّر ومجالسة العلماء بل هي حياة جاهلية ، حيث يعيش فيها الفرد حياة تحكمها العصبية والعادات والتقاليد ولا يختلط إلاّ مع من نشأ جاهلاً ، فلا علم ولا تعلم ولا اكتساب للقيّم سوى أقيسة باطلة واستحسانات من نسج الخيال .
وهذا ما أرادت الشريعة تغييره من حياة الإنسان ليسمو في معارفه نحو خالقه ويعيش العبودية الحقيقية لله سبحانه وتعالى متفكراً في عظمته وقدرته ، ساعياً إلى مرضاته ورحمته .

19