نعم ، على القول بالجواز ، لا بدّ من القرينة . وكذا في استعماله في خصوص الحزن والهمّ . وأمّا استعماله في خصوص السرور ، فالظاهر أنّ تبادره منه الناشئ من شهرة الاستعمال مغن عن القرينة . وقد يقال : إنّ تفسير الطرب بالخفّة المشار إليها هو المدخل للصوت في أفراد اللهو ، قال العجّاج : أطربا وأنت قنّسري * والدهر بالإنسان دوّاري « 1 » أراد هذه الخفّة على سبيل اللهو والتلهّي ، وإلَّا فمجرّد السرور أو الحزن لا يبعد عن الشيخ الكبير حتّى يتعلَّق به الاستفهام التوبيخي . ولكن فيه : أنّ الخفّة لا تستلزم التلهّي ، وإلَّا لكان كلّ صوت مطرب ملهيّا ، وهو بعيد ، ولذا تراهم يقسّمون الصوت المطرب إلى ما كان على سبيل اللهو وغيره ، وربما يشهد له بيت الكميت : طربت وما شوقا إلى البيض أطرب * ولا لعبا منّي وذو الشيب يلعب ؟ « 2 » فإنّه ، مع إثباته الطرب لنفسه ، نفي اللعب وأنكره على ذي الشيب ، على وجه الاستفهام الإبطالي المحذوف أداته ، فليتأمّل . وكيف كان ، فهل يعتبر الأطراف في تحقّق الغناء اللغويّ ، أو يكتفى بما من شأنه الإطراب بالفعل فلا يقدح فيه قبح الصوت وغلظته ونحو ذلك وجهان ؟ ولعلّ الأول أظهر ، فتدبّر . وكذا الكلام في الصوت اللهويّ المعتبر في الغناء العرفيّ ، فتأمّل .