فلا تناقض ولا تعارض بين الطرفين على هذا التقدير ، إذ يفيد أحدهما أنّ هذا النوع من الغناء حرام ، والآخر يفيد أنّ ذلك النوع منه مباح ومرغوب فيه . فبم يتمسّك هؤلاء في تحريم مطلقه ؟ انتهى . [1] وهذا مبنيّ على استعمال الغناء في معناه اللغوي أي الصوت المرجّع المطرب ، ولمّا كان الطرب مشتركا بين الفرح والحزن ، جعل الغناء المأخوذ في مفهومه الطرب مشتركا بين الصوت المفرح والصوت المحزن ، فبنى عليه ما ذكره من عدم التعارض . وفيه نظر : فإنّ هذا لا يوجب الاشتراك في الغناء ، إذ الطَّرب المأخوذ فيه لا يصحّ إرادة الفرح والحزن جميعا منه ، لما عرفته . فالمراد به أحدهما خاصّة ، فلا يلزم الاشتراك في الغناء . وعلى القول بجواز استعمال اللفظ في معنييه لا مانع من استعمال الغناء أيضا في المفرح والمحزن ، فلا دليل على إرادة الأوّل من المنهيّ عنه ، وإرادة الثاني من المرغوب فيه . وكذا لو قلنا بإرادتهم من المطرب مطلق المغيّر للحالة . المقدّمة السابعة : الاشتباه في مبدء الاشتقاق موجب للإجمال ، مع اختلاف معناه بالنظر إلى وجهين نعم ، لو كان المشتقّ ظاهرا في أحد المعنيين بتبادره منه ، وأغلبية استعماله فيه ، حمل عليه ، إذ لا إجمال حينئذ ، كما في حديث : « من لم يتغنّ بالقرآن [2] » . لاحتمال اشتقاق الفعل من المقصور ومن الممدود ، ولكنّ الثاني أظهر . وإن شئت قلت : التغنّي مشترك بين الاستغناء واستعمال الغناء ، ولكن استعماله في الثاني أكثر فإرادته من الحديث المذكور أظهر ، فيدلّ على جواز الغناء بل تأكَّد استحبابه في
[1] . رسالة إيقاظ النائمين ، وقد سبق ذكرها . [2] . أمالي المرتضى ج 1 ص 24 .