* ( وإِنَّ الشَّياطِينَ لَيُوحُونَ إِلى أَوْلِيائِهِمْ لِيُجادِلُوكُمْ ) * [1] ، فقد روي في تفسيرها أن الكفار كانوا يقولون للمسلمين إنكم تزعمون أنكم تعبدون الله تعالى فما قتل الله أحق أن تأكلوه مما قتلتموهم أنتم ، ووجه التأييد أنهم أرادوا بقتل الله ما مات حتف أنفه ، فينبغي حمل الموصول في صدر الآية على ذلك أيضا ليلائم أجزاء الكلام ويخرج عن التنافر . الوجه الثاني : تأويل الصلة بما ذكر اسم غير الله عليه بدلالة قوله تعالى * ( وإِنَّه لَفِسْقٌ ) * [2] ، أي وإن لم يذكر اسم الله عليه لفسق ، فإنه سبحانه وصف الفسق بما ذكر اسم غير الله عليه حيث قال جل شأنه * ( قُلْ لا أَجِدُ فِي ما أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَلى طاعِمٍ يَطْعَمُه إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَماً مَسْفُوحاً أَوْ لَحْمَ خِنزِيرٍ فَإِنَّه رِجْسٌ أَوْ فِسْقاً أُهِلَّ لِغَيْرِ الله بِه ) * الأنعام : 145 ، فوصف الفسق بما أهلّ لغير الله في هذه الآية قرينة ظاهرة على أن المراد في تلك الآية هذا المعنى لا غير ، قالوا : وفي قوله سبحانه * ( وإِنَّه لَفِسْقٌ ) * واو الحال أي لا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه حال كونه فسقا أي أهلّ به لغير الله ولا يستقيم كونها للعطف لما يلزم من عطف الخبر على الإنشاء . والثالث : ما روي متواترا أن النبي صلَّى الله عليه وآله وسلَّم أكل من الذراع المسموم الذي أهدته اليهودية ، وكان مرض السم يعاوده في بعض الأوقات إلى أن مات صلَّى الله عليه وآله وسلَّم من ذلك السم ، وأكله من ذلك اللحم على حلّ ذبيحة اليهود ولا قائل بالفصل [3] .
[1] سورة الأنعام ، آية 121 . [2] سورة الأنعام ، آية : 121 . [3] ذكر أبو داود في سننه : « حدثنا داود بن رشيد ، حدثنا عباد بن العوام ، حدثنا هارون بن عبد اللَّه ، حدثنا سعيد بن سليمان ، حدثنا عباد ، عن سفيان بن حسين ، عن الزهري ، عن سعيد وأبي سلمة ، قال هارون : عن أبي هريرة أن امرأة من اليهود أهدت إلى النبي صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم شاة مسمومة قال : فما عرض لها النبي صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم . قال أبو داود : هذه أخت مرحب اليهودية التي سمت النبي صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم . حدثنا سليمان بن داود المهري ، ثنا ابن وهب قال : أخبرني يونس ، عن ابن شهاب قال : كان جابر بن عبد اللَّه يحدث أن يهودية من أهل خيبر سمّت شاة مصلية [ أي مشوية ] ثم أهدتها لرسول اللَّه صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم ، فأخذ رسول اللَّه صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم الذراع فأكل منها ، وأكل رهط من أصحابه معه ، ثم قال لهم رسول اللَّه صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم : ( ارفعوا أيديكم ) وأرسل رسول اللَّه صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم إلى اليهودية فدعاها ، فقال لها : ( أسممت هذه الشاة ؟ ) قالت اليهودية : من أخبرك ؟ قال : ( أخبرتني هذه في يدي ) الذراع ، قالت : نعم ، قال : ( فما أردت إلى ذلك ) قالت : قلت : إن كان نبيا فلن يضره ، وإن لم يكن نبيا استرحنا منه ، فعفا عنها رسول اللَّه صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم ولم يعاقبها ، وتوفي بعض أصحابه الذين أكلوا من الشاة ، واحتجم رسول اللَّه صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم على كاهله [ مقدم أعلى الظهر مما يلي العنق ] من أجل الذي أكل من الشاة ، حجمه أبو هند بالقرن والشفرة ، وهو مولى لبني بياضة من الأنصار ( سنن أبي داود ج 2 ص 481 - 482 ) .