بسم الله الرحمن الرحيم المقدمة وبعد لا ريب في أن العدل في القضاء والحكومة بين الناس من أكبر الدعائم التي تقوم عليها التمدن الصحيح ، والمجتمع الصالح فلا تحفظ بدونه الحقوق العامة ، ولا مصلحة الجامعة . به يستقيم نظام المعاملات ، والمناكحات ، وتصان حرمة النواميس ، والأعراض ، وتؤمن السبل ، وتعمر البلاد ، وفيه حياة الدين ، وإصلاح أمور المسلمين ، ونصرة المظلومين ، وإجراء الحدود ، وإعطاء الحقوق ، وإيثار حق الله عز وجل وطلب الزلفة لديه ، والقربة إليه . كما لا شك في أن انحطاط الآداب ، واستبداد الأقوياء بالأمور ، وفشل الحركات الإصلاحية ، وغلبة الجهل والهمجية والرجعية ، ووقوع التكالب والحيف والظلم بين الأمة ترجع إلى فساد نظام القضاء ، أو ضعف القضاة في تنفيذ الأحكام ، أو خيانتهم وجورهم وجهلهم بموازين القضاء . ومن أعظم الجنايات ، والجرائم التي اتفق العقل والشرع على تقبيحه ، وتشنيعه ، تولية القضاء من ليس له أهلية ذلك ، والجور فيه ، والحكم بغير ما