نام کتاب : تقريرات آية الله المجدد الشيرازي نویسنده : المولی علي الروزدري جلد : 1 صفحه : 170
لمّا عرفت أنّ الأول على خلاف الأصل ، لا بدّ في ثبوته من دليل ، وعرفت عدم ثبوته ، فانحصر الأمر فيها في التساقط في الجملة ، على النهج المذكور . هذا بخلاف الأصول العمليّة ، فإنّ الأمر فيها دائر بين التخيير أو التساقط رأسا ، كما هو المختار فيها ، ولا مجال للتوقّف فيها ، لأنّها لم تعتبر بعنوان الطريقية إلى الواقع دائما ، بل إنّما هي ظاهريّة متعلَّقة بعمل المكلف عند الشك ، ولا ريب أنّه لا يعقل التوقّف في العمل ، لعدم خلوّ المكلَّف عن الفعل المطابق لأحد الأصلين العمليّين أو لغيرهما ، فإن اختار العمل بواحد منهما ، فهو معنى التخيير ، وإن اختار الرجوع إلى غيرهما ، فهو معنى تساقطهما رأسا . ووجه الأوّل - أي التخيير - دعوى شمول أدلَّتها الدالَّة على وجوب العمل بها ، لمورد التعارض أيضا ، ولمّا لم يمكن العمل بكلا المتعارضين معا ، فلا بدّ من إيقاع العمل على طبق أحدهما ، لئلا يلزم مخالفة الأدلَّة رأسا ، فإنّ هذا المقدار من امتثالها مقدور ، فيجب ، ولمّا لم يكن ترجيح لأحدهما بالفرض ، فيثبت التخيير بينهما . ووجه الثاني : منع دلالة الأدلَّة على اعتبارها حينئذ ، كما هو الظاهر فيفرضان حينئذ كأن لم يكونا ، فيعمل بما يقتضيه المقام من أصل عملي آخر ، أو أصل من الأصول العقلية ، كالبراءة مثلا أو الاشتغال حسب ما يقتضيه المقام . هذا حال الأصول اللفظية العقلائية الممضاة من الشارع ، وقس عليها حال سائر الأصول العقلائية في غير الألفاظ وحال الأصول الشرعيّة التأسيسيّة العمليّة . وأما الطرق الشرعية التأسيسيّة من الشارع ، كالأخبار في الأحكام الكلية أو الموضوعات الشرعيّة كذلك ، وكالأمارات في الموضوعات الخارجيّة ، فهي لمّا كان لها جهة تشبّه بالأصول العمليّة ، من حيث عموم أدلَّتها - بحسب الظاهر - لمورد التعارض أيضا ، فيحتمل فيها التخيير حينئذ ، بتقريب ما مرّ في وجه التخيير في الأصول العمليّة ، ولمّا كان لها أيضا جهة تشبّه بالأصول والطرق العقلائيّة الإمضائية ، نظرا إلى أنّ اعتبارها إنّما هو من باب الطريقية المحضة ، بحيث لم يلاحظ فيها مصلحة سوى الكشف ، كما يظهر ذلك للمتأمل في أدلَّتها ، فيحتمل فيها التوقف عند التعارض ، كما هو الأظهر ، الَّذي يقتضيه الأصل في تعارض كلّ طريقين وتكافئهما ، ولو لا أخبار التخيير في تعارض الأخبار ، لكان القول به متيقّنا حينئذ ، وإنّما خرجنا عنه لأجلها ، فلا بدّ في ثبوت التخيير في غيرها من الطرق والأمارات عند التكافؤ من الدليل كما
170
نام کتاب : تقريرات آية الله المجدد الشيرازي نویسنده : المولی علي الروزدري جلد : 1 صفحه : 170