نام کتاب : تقريرات آية الله المجدد الشيرازي نویسنده : المولی علي الروزدري جلد : 1 صفحه : 167
فإذا عرفت ذلك كله ، فلنرجع إلى تحقيق الحال في الأقوال فنقول : إنّ الحق أوسطها ، أعني التوقف في الاستدلال بواحد من الأصلين على إثبات شيء من مؤداهما ، والاستدلال بهما معا على نفي الثالث ، فنبتدئ أولا بذكر ضعف القولين الآخرين ، ثم نحتج على ما اخترناه من البين . أما ضعف الأوّل منهما - أعني التخيير في الاستدلال بأيّهما شاء - ، فبيانه أن المراد بالتخيير فيهما ، إما التخيير الواقعي الناشئ عن كون المصلحة في السلوك على طبق كل منهما : إمّا مع عدم إمكان تدارك مصلحة كل منهما بمصلحة الآخر بأن يكون تعارضهما من باب تزاحم الواجبين ، بحيث لو أمكن الجمع بينهما لكان العمل بكليهما مطلوبا ، كما في كل واجبين متزاحمين ، كتزاحم إنقاذ الغريقين ، فيكون التخيير واقعيا عقليا ناشئا عن عجز المكلف عن الجمع بينهما . وإمّا مع إمكان تدارك المصلحة في كل منهما بمصلحة الآخر ، فيخرجان عن حقيقة التعارض ، فيكون التخيير شرعيا واقعيا ، كما في خصال الكفارة . وإمّا التخيير الظاهري - الناشئ عن قيام المصلحة بأحدهما خاصّة في الواقع - الثابت بحكم العقل ، كما ثبت في كلّ طريقين علم بكون أحدهما موصلا وخلوّ الآخر عن مصلحة الإيصال ، مع عدم ما يرجّح كون أحدهما بخصوصه هو الطريق الموصل وإمّا بدليل شرعيّ ، كما في تعارض الأخبار على المشهور ، والمختار والحق انتفاؤه في المقام بجميع معانيه الأربعة المذكورة . أمّا التخيير الواقعي ، فبطلانه بكلا قسميه في المقام أوضح من أن يذكر ، إذ لا ريب أنّ العمل بالأصول اللفظية عند العرف ليس إلَّا لمجرد الكشف عن المراد ، والطريقية المحضة ، ولا مرية أنّ طريقة الشارع في المحاورات - وما يتعلَّق بها - ليست طريقة مغايرة مجعولة منه ، فلا تعبّد منه بالعمل بالأصول اللفظية أيضا ، ولا شك أنّ تلك المصلحة - أعني الكشف والطريقية - لا يعقل قيامها بكل من الطريقين المتعارضين ، ضرورة استحالة تناقض الواقع ، فلا معنى للتخيير الواقعي حينئذ بوجه ، ومعلوم أنّ القائل به لا يريد هذا المعنى قطعا . ومن هنا ظهر أنّه لو قلنا بالتخيير في الأصول العملية لا يلزمنا القول فيما نحن فيه ، لقيام احتمال السببية في الأصول العملية ، دون الأصول اللفظية ، مع أنّ الحق في الأصول العملية أيضا عدم التخيير والتساقط رأسا .
167
نام کتاب : تقريرات آية الله المجدد الشيرازي نویسنده : المولی علي الروزدري جلد : 1 صفحه : 167