نام کتاب : تاريخ الفقه الجعفري نویسنده : هاشم معروف الحسني جلد : 1 صفحه : 238
وبعدها ، وكان هو وجماعة من المسلمين ، يرون جواز التدوين والكتابة ، بينما تمسك أكثر المسلمين برأي عمر بن الخطاب واعتبروه سنة ، لا يجوز بنظر الدين تجاوزها . وانصرفوا إلى الحفظ ، معتمدين على ما ينقل إليهم من صدور الحفاظ عن الصحابة وغيرهم . على أن بعض المصادر تؤيد أن شيئا من التدوين قد كان ، ولكنه كان من أشخاص كانوا يدونون لأنفسهم ما عندهم من الأحاديث ، مخافة الضياع والنسيان . أما التدوين الشامل ، فلم يحصل إلا في زمان متأخر ، لأسباب ثلاثة ، ذكرها محمد يوسف وغيره . أولها : انتقال المسلمين من حال تغلب عليه البداوة ، إلى حال كثر فيه العمران وعظمت فيه الحضارة وأخذوا ينعمون بالحياة المترفة ، الحافلة بأسباب النعيم والعمران ، فانصرفوا إلى العلوم وموادها ، يعملون عقولهم في تحصيلها . قال ابن خلدون في مقدمته : « ان العلوم إنما تكثر حيث يكثر العمران ونعم الحضارة » . وقد ضرب لذلك أمثلة كثيرة . ثانيها : انتشار الكتابة بين العرب والاعتماد عليها في تسجيل ما لديهم من المعارف المختلفة ، وفي ذلك ما يؤدي إلى الانصراف عن الحفظ وضعف الذاكرة . وفي مثل طرد هذه الحالات ، على الإنسان ، يضطر إلى تسجيل ما لديه من المعارف ، خوفا من ضياعها . هذا بالإضافة إلى أن بعض من دخلوا الإسلام ونبغوا في الفقه وعلوم القرآن والحديث ، وهم الكثرة في عهد التابعين كانوا من الموالي ، والكفرة الغالبة في هؤلاء كانت تحسن الكتابة ، وقد اعتادوا على تدوين ما عندهم من آثار الفرس والرومان والأمم السابقة ، قبل أن يغزو الإسلام بلادهم . وهؤلاء لم يرزقوا قوة الذاكرة وملكة الحفظ اللتين عرف بهما العرب وسكان البادية . السبب الثالث : ظهور الخطأ والاختلاف في كثير من الأحاديث ، بسبب
238
نام کتاب : تاريخ الفقه الجعفري نویسنده : هاشم معروف الحسني جلد : 1 صفحه : 238