نام کتاب : بدائع الكلام في تفسير آيات الأحكام نویسنده : محمد باقر الملكي جلد : 1 صفحه : 80
الظاهر في لفظ العهد في الآية الكريمة بل هي كالصريحة ان المراد به هي الإمامة التي سألها إبراهيم عليه السلام ان يجعلها تعالى لذريته كما جعلها لنفسه في قوله تعالى * ( إِنِّي جاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِماماً ) * ولفظ العهد وان كثرت موارد استعماله لعنايات مختلفة الا ان الغالب فيه أن العهد مما يجب الوفاء به ويحرم نقضه ونكثه قال تعالى * ( أَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ ) * الآية البقرة - 40 . وفي تفسير هذه الآية روايات شاهدة لما ذكرنا قال تعالى * ( وأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كانَ مَسْؤُلًا ) * الاسراء ( 34 ) سواء ان المراد من الإمامة التي جعلها الله تعالى لإبراهيم وذريته ليست هي النبوة كان واجبا بذاته ومن المستقلات العقلية مثل وجوب الايمان بالله وبتوحيده سبحانه ووجوب طاعته وكذلك في طرف الحرام مثل الكفر بالله والشرك به تعالى ومخالفته في أوامره ونواهيه أو كان واجبا وحراما مولويا فعلى هذا لا بد أن يكون المراد من العهد الإمامة التي جعلها تعالى لإبراهيم ولذريته يجب على الناس التسليم والطاعة لحكمه تعالى سواء كان أمرا وضعيا أو أمرا تكليفيا فالأول مثل إعطاء حق الأمر والنهي . والثاني مثل افتراض الطاعة والظاهر هو الأول وهذه قرينة أخرى وتأييد آخر لما ذكرناه ان المراد من الإمامة التي جعلها الله تعالى لإبراهيم وذريته ليست هي النبوة والرسالة بل لا بد ان يكون امرا مجعولا لا بجعله . هذا كله ونظائرها من جملة عهود الخلق بالنسبة إليه تعالى وأما عهوده ومواثيقه تعالى بالنسبة الى عباده وخلقه فهي شرائعه الحكيمة وكتبه القيمة فالقرآن الكريم مثلا عهد الله الى خلقه وفيه ترسيم لحدود العبودية وشئونها وهو حبل ممدود من الله بينه وبين خلقه . ومن هذا الباب عزائمه وفرائضه العقلية والشرعية ومن هذا القبيل كراماته ومواهبه لأوليائه فالولاية مثلا عهد من الله الى أحد من أحبائه فيقوم الولي بوظائف ما عهد تعالى اليه من الولاية فيتحفظ عليها وأما بالنسبة إلى خلقه وجوب التسليم والطاعة لهم عهد من الله الى خلقه ومن هذا الباب كرامته تعالى الى عباده المؤمنين الموحدين جزاء وثوابا على حسناتهم طبق ما واعدهم عليه تفضلا وإكراما إياهم عهد من الله إليهم قال تعالى * ( أَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ ) * البقرة 40 . فعلى عهدة المفسر التحفظ الكامل بين العهد المنسوب اليه تعالى في القرآن الكريم مثل قوله عهدي أو عهدنا بصيغة الفعل الماضي أو أعهد بالمضارع ونظائرها وبين العهد المنسوب المضاف الى الخلق . إذا تقرر ذلك فنقول ان الإمامة عهد من الله تعالى إلى خاصة أوليائه وكان ذلك لمصالح في شأن هذا الولي الإمام فإنه تعالى * ( أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسالَتَه ) * وإمامته
80
نام کتاب : بدائع الكلام في تفسير آيات الأحكام نویسنده : محمد باقر الملكي جلد : 1 صفحه : 80