نام کتاب : بحوث في الفقه المعاصر نویسنده : الشيخ حسن الجواهري جلد : 1 صفحه : 400
لقد استخدم النقد للقيام بدور طاريء لم يوجد لأجله وهو دور ( الإدخار والإكتناز ) فقد أخذ الإنسان يبيع سلعته لا لحاجة له بسلعة أُخرى يشتريها ، بل لأجل أن يحوّل سلعته إلى نقد يختزنه لوقت الحاجة ( إذ أصبح النقد هو الوكيل العام عن السلع ) ، وهذا معناه أنّ البيع لم يوجد لأجل الشراء المحتاج إليه في الإنتاج أو الاستهلاك ، وإنّما وجد البيع لأجل أن يمتص النقود فيختزنها ( إذ هي قابلة للإختزان من دون نقص في قيمتها ، ولا يحتاج إدخارها إلى نفقات بعكس إدخار السلع ) ، وهذا هو الدور الطارئ للنقد حيث أصبح النقد وسيطاً بين الإنتاج والإدّخار . ومعنى هذا الدور أن المشتري - الذي اشترى سلعة ودفع نقداً فادخره البائع - لم يتمكّن أن يبيع منتوجه ، لأنّ البائع قد اكتنز النقد وسُحِبَ من مجال التداول فظهر الاختلال في توازن العرض والطلب الذي كانا متساويين في عصر المبادلة . ثمّ إنّ الاختلال في توازن العرض والطلب يؤدّي إلى الكساد وعدم تصريف السلعة ، وهذا بدوره سوف يؤدّي إلى الاستغناء عن بعض العمّال وسدّ بعض المعامل فتحدث البطالة التي تعاني منها السوق الرأسماليّة . ثمّ لم تقف المفاسد عند هذا الحدّ ، إذ قد يأتي المحتكر الذي اكتنز النقد ، ويخلق طلباً كاذباً فيشتري كلّ أفراد السلعة من السوق لا لحاجة إليها بل ليرفع ثمنها ، أو يعرض السلعة بأثمان دون كلفتها بقصد إلجاء المنتجين والبائعين الآخرين إلى الانسحاب من ميدان التنافس وإعلان الإفلاس ، وبهذا تصبح الأثمان غير حقيقيّة وتكون السوق تحت رحمة المحتكرين ، ويسقط آلاف المنتجين والبائعين الصغار فريسة المحتكرين الكبار . ثمّ يبقى المكتنز والمحتكر يبيع لأجل الإكتناز ، وبهذا يسحب النقد من مجال التداول وبهذا يقل الاستهلاك أو يتوقّف لإنخفاض المستوى الاقتصادي للجمهور ، وبهذا تقل أو تتعطّل حركة الإنتاج لعدم وجود القدرة الشرائيّة عند
400
نام کتاب : بحوث في الفقه المعاصر نویسنده : الشيخ حسن الجواهري جلد : 1 صفحه : 400