قطعي على أنّ المقصود من الإسراف هو النفقة من غير قصد واعتدال ، أي إكثار النفقة وبسط اليد فيها ، لا تضييع المال وإفساده ، فهل يفتي فقيه بجواز أن يحمل زائر بيت الله الحرام عشرة دوابّ مع أنّه يركب واحداً منها ، فيطرح الزائد ويتركه في الطريق حتّى يموت ويتلف ، أو يحمل مئونة عشر نفرات مع حاجته إلى مئونة فرد واحد ، فيلقي ما زاد منها في مكَّة أو المدينة في المزابل حتّى يتضيّع ويفسد . وثانياً : ما ورد في آداب السفر عموماً من استحباب بذل الزاد وإنّه من المروّة [1] . وفي آداب سفر الحجّ خصوصاً من أنّ : « هديّة الحاجّ من نفقة الحاجّ » [2] و : « هديّة الحجّ من الحجّ » [3] و : « إنّ إكثار النفقة في الحجّ فيه أجر جزيل » [4] و : « نفقة درهم في الحجّ أفضل من ألف ألف درهم في غيره في البرّ » [5] فإنّ جميعها تشهد على أنّ المقصود من الإسراف في الحج إنّما هو هذا القبيل من الصلات والإنفاقات والهدايا [6] لا إحراق ملايين من الشياه والبقر والإبل . وثالثاً : يشهد لما ذكرنا ما ورد في ذيل نفس الرواية المبحوث فيها فإنّ قوله : « فرحم الله مؤمناً اكتسب طيّباً وأنفق من قصد أو قدّم فضلا » يقتضي دوران أمر نفقات الحاجّ بين القصد وتقديم الفضل ، والأوّل هو ملاحظة الاعتدال ، والثاني هو
[1] الوسائل : راجع أبواب آداب السفر الباب 49 . [2] الوسائل ، أبواب وجوب الحج ، الباب 54 ، ح 2 . [3] الوسائل : أبواب وجوب الحج ، الباب 54 ، ح 1 . [4] مستدرك الوسائل : الباب 34 من أبواب وجوب الحج ، ح 1 . [5] مستدرك الوسائل : الباب 27 من أبواب وجوب الحج ، ح 1 . [6] ومن الطريف جداً أنّ المستفاد من بعض الروايات كون تهيئة الهدايا وإكثار النفقة في الحج أيضاً محدود بحدود وقيود ، فقد روي عن شهاب بن عبد ربّه أنّه قال : « قلت لأبي عبد الله ( عليه السلام ) قد عرفت حالي وسعة يدي وتوسّعي على إخواني فأصحب النفر منهم في طريق مكّة فأوسّع عليهم ، قال : لا تفعل يا شهاب ، إن بسطت وبسطوا أجحفت بهم ، وإن هم أمسكوا أذللتهم ، فاصحب نظراءك اصحب نظراءك » ( أبواب آداب السفر الباب 33 ، ح 1 ) .