وإلَّا فإنّ عدم عرض إجابة كاملة ولو لواحدة من مسائل الحياة المعاصرة ومعضلاتها يعدّ اعترافاً ضمنياً بعدم تمامية هذا الدين ( والعياذ بالله ) . إن قلت : إنّ عدم قدرتنا على تمييز بعض الأحكام الشرعية سيّما في الموضوعات المستحدثة لا يستلزم نسبة النقص إلى الشريعة ، فإنّ عدم العثور على أحكام هذه الموضوعات من جملة العطايا الإلهية التي حرمنا منها على أثر غيبة الإمام المعصوم ( عجل الله فرجه الشريف ) والتي حصلت بسبب تقصير البشر أنفسهم ، إذن فلا نقصان حينئذ في ذات الشريعة ، بل النقص نشأ من قِبل الإنسان لأنّه هو الذي أوجد المانع الذي حال دون وصوله إلى الحكم الشرعي . قلت : هذا البيان إنّما يتم بالنسبة إلى الأحكام الواقعية والألطاف الإلهية الخفية والهدايات الربانية الخاصة . أمّا بالنسبة إلى الأحكام الشرعية الظاهرية فلا فإنّنا قد نعجز عن الوصول إلى الحكم الواقعي إلَّا أنّه لا مانع من الوصول إلى الحكم الظاهري ، فلا أحد يقول بخلوّ واقعة منها ، ولا نكاد نجد فقيهاً من الفقهاء في أي عصر من الأعصار يقول بعدم وجود حكم ظاهري - على الأقلّ - لواقعة وأنّ الناس بالنسبة إلى ذلك مطلقو أحرار ومخيّرون لا حكم لهم فليفعلوا ما شاؤوا من دون مراجعة فقيه إذ لا أحد يتفوّه بذلك قطعاً ، ولا نرى أثراً من هذا في شيء من كلمات وكتب الفقهاء من الأولين إلى الآخرين ، بل إنَّ الأمر على العكس تماماً ، فإنّهم يتصدّون دائماً للإفتاء عن كلّ ما يرد عليهم من الاستفسارات . هذا من ناحية . ومن ناحية أخرى ، قد أمرنا في عصر الغيبة بالرجوع إلى الفقهاء ورواة الحديث ، كما في التوقيع الشريف : « وأما الحوادث الواقعة فارجعوا فيها إلى رواة حديثنا فإنّهم حجتي عليكم وأنا