وشبهه ، ومن الواضح أنّ مقدّمة الواجب واجبة . ومن هنا أفتى غير واحد من أكابر العصر بجوازه ، وإن خالف فيه بعضهم ، والظاهر أنّ منشأ مخالفتهم عدم الاعتراف بالضرورة المذكورة ، وإلَّا لأفتوا به قطعاً كما في غيره من موارد الضرورة ، فيجوز للمخالف أيضاً الفتوى بجوازه مشروطاً بها ، وإحراز الموضوع على عاتق المقلِّد . وحيث إنّ دليل الجواز هو الضرورة ، والضرورات تتقدّر بقدرها ، فلا بدّ عند الفتوى بجوازه من تحقّق شروط ثلاثة : الأوّل : أن يكون غرضه من التشريح تعلَّم الطب الذي لا يكتمل إلَّا به ، فيكون التشريح حينئذ مقدّمة لإنقاذ النفوس المحترمة . الثاني : أن لا يجد سبيلًا إلى أجساد الكفّار الحربيين ، بل إذا دار الأمر بين المسلم والذمّي كان الذمّي مقدّماً لأنّه أقلّ محذوراً كما لا يخفى . الثالث : أن لا يتعدّى المقدار اللازم منه . إذن فمع تحقّق هذه الشروط الثلاثة يكون التشريح جائزاً . والإنصاف أنّ إحراز موضوع الضرورة للعارف بشيء من علم الطب في عصرنا هذا سهل جدّاً . * * * الثالث : الفرق في الحكم بين الحربي وغيره وبين المسلم والذمّي : ممّا ذكرنا ظهر أنّه لا شكّ في الفرق بين الحربي وغيره ، وكذلك بين المسلم والذمّي إذا دار الأمر بينهما فإنّ الذمّي وإن كان محترماً أيضاً ولكن فرق بينه وبين المسلم حيّاً وميّتاً فلا بدّ من رعاية سلسلة المراتب في المقام ، وهو ظاهر . * * *