نام کتاب : الوافي نویسنده : الفيض الكاشاني جلد : 1 صفحه : 522
بيان : سر هذا الكلام أن لله سبحانه بالنسبة إلى عباده أمرين أمرا إراديا إيجاديا وأمرا تكليفيا إيجابيا والأول بلا واسطة الأنبياء عليه السّلام ولا يحتمل العصيان والمطلوب منه وقوع المأمور به ويوافق مشيته تعالى طردا وعكسا لا يتخلف عنها البتة فيقع المأمور به لا محالة وإليه أشير بقوله عز وجل « إِنَّما قَوْلُنا لِشَيْءٍ إِذا أَرَدْناهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ [1] » والثاني يكون بواسطة الأنبياء عليه السّلام والمطلوب منه قد يكون وقوع المأمور به فيوافق مشيته تعالى ويقع المأمور به من غير معصية فيه كالأوامر التي كلف اللَّه بها الطائعين وقد يكون نفس الأمر من دون وقوع المأمور به لحكم ومصالح ترجع إلى العباد فهذا الأمر الذي لا يوافق المشية ولا الإرادة يعني لم يشأ اللَّه به وقوع المأمور به ولا إرادة وإن شاء لأمر به وأراد وأمر ولذلك لم يقع المأمور به 426 - 7 الكافي ، 1 / 151 / 4 / 1 علي عن المختار بن محمد الهمداني ومحمد بن الحسن عن عبد اللَّه بن الحسن العلوي جميعا عن الفتح بن يزيد الجرجاني عن أبي الحسن عليه السّلام قال : « إن لله إرادتين [2] ومشيتين إرادة حتم وإرادة
[1] سورة النحل / 40 - في الأصل وفي سائر النسخ " إنما أمرنا لشيء الخ " والآية : إنما قولنا لشيء الخ نعم الآية المشتملة على كلمة الأمر هي في سورة يس / 82 إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون : " ض . ع " . [2] قوله : " إن الله إرادتين . . . " الظاهر إن المراد من إحدى الإرادتين الإرادة الحقيقية المتعلقة بأصل الفعل الموجبة بصيرورة الفعل موجودا قهرا تكوينيا أو واجبا على المكلف تشريعا ومن الأخرى الإرادة التي لا يستلزم وقوعه قهرا تكوينا أو وجوبه على المكلف تشريعا نظير إرادة الكفر من إبليس تكوينا فإنها بمعنى علمه بصدور الكفر منه باختياره لا قهرا ونظير إرادة ذبح الولد من إبراهيم ( عليه السلام ) تشريعا فإنها في الحقيقة أمر بمقدمات الذبح ولم يكن أمر حقيقي بالذبح قال السيد عميد الدين في شرح التهذيب وهل هو أي الطلب مغاير للإرادة قالت الأشاعرة نعم وأنكره المعتزلة وزعموا أن الطلب عبارة عن إرادة المأمور به وهو الحق ، لنا أن الزائد على الإرادة غير معقول لنا ولو ثبت لكان أمرا خفيا في الغاية إلى أن قال واحتجت الأشاعرة بوجوه : الأول أنه تعالى أمر الكافر الذي علم منه عدم الطاعة بها ولم يردها منه لكونها ممتنعة فقد ثبت وجود الأمر من دون الإرادة الثاني يصح أن يقول أحد من الناس لغيره أريد منك الفعل ولا آمرك به الثالث إن السيد قد يأمر عبده بما لا يريد كما لو ضرب عبده فتوعده الملك بالمؤاخذة إن كان لا لموجب فاعتذر بأنه لا يمتثل أمره فطلب الملك امتحانه بأن يأمره في حضرته بأمر فان السيد حينئذ يأمره بفعل ولا يريده منه انتهى ملخصا ثم أجاب عنها جميعا بما هو معروف وحاصل جوابه عن الأول إن علم الله بأن الكافر لا يؤمن ليس موجبا لجبره على الكفر وعن الثاني بانا لم ندع إن كلما وجد إرادة شيء وجب الأمر به بل كلما وجد الأمر وجب تحقق الإرادة فيه ولو عكس وقال آمرك بفعل لا أريده منك لزم المغايرة التي تدعيها الأشاعرة . وعن الثالث بأن السيد أوجد صورة الأمر من غير أمر انتهى تلخيص كلامه فظهر منه إن ما ادعاه بعض المتأخرين أن البحث بين الأشاعرة والمعتزلة لفظي وإن الفرق بين الطلب والإرادة أظهر من الشمس وأبين من الأمس ناش من قلة التتبع ويتوهم غير المتدبر أن الإرادة التي تكون في الأوامر الامتحانية وأمثالها محالا يريد الآمر صدوره من المكلف نظير أمر إبراهيم ( عليه السلام ) بذبح ولده والحق أن الإرادة حقيقة تعلقت بمقدمات الفعل وتوطئة النفس والهم بالطاعة وأما صورة الأمر بذبح الولد فليس فيه إرادة أصلا بل الأمر بها مستعمل في غير معناه الحقيقي أعني الطلب نظير " كونوا حجارة أو حديدا " وقوله نهى آدم وزوجته أن يأكلا من الشجرة أي نهاهما تشريعا وشاء ذلك أي علم إنهما يأكلان باختيارهما وأراد أن يكون صدور الفعل منهما لا قهرا عليهما وقوله " ولو لم يشأ أن يأكلا " يعني بالقهر والجبر لما غلب مشيئتهما مشيئة الله وكان امتناعهما من الأكل قهريا ولم يكونا حينئذ مأمورين بالأكل ولا منهيين عنه . " ش " .
522
نام کتاب : الوافي نویسنده : الفيض الكاشاني جلد : 1 صفحه : 522