للمسألة بمقتضى القواعد فنقول : إن التغريب تارة يكون حدا وأخرى تعزيرا ، وعلى الأول : تارة يكون محدودا بمدة - سنة مثلا - وأخرى غير محدود . فلو كان حدا ومحدودا بمدة مثل نفي الزاني غير المحصن ، فمقتضى اطلاق دليل النفي هو وجوب كونه مغربا في جميع تلك المدة ، فالرخصة تنافيه . بل لو عاد هو من تلقاء نفسه ، يبطل ما مضى ، ويستأنف الحساب لعدم تحقق الواجب ، لأنه ليس صرف وجود التغريب . فتأمل [1] . وأما لو لم يكن محدودا بمدة - أو كان محدودا بالتوبة مثلا - فالاطلاق يقتضي نفيه مدة ، فيجوز ترخيصه بعده . لكن قد يقال : لازم ذلك كفاية نفيه مدة ما ، فلا يتصور تخلل الرخصة بين التغريب ، بل يفرج عنه بعد مدة ما . وأما لو كان تعزيرا - على القول بشمول التعزير له - كما في وطء البهيمة ، وقاتل الولد والقواد وقاتل العبد وقاتل الذمي ، فإن رأى الحاكم مصلحة في ترخيصه - كما رأى المصلحة في نفيه . وقلنا بسعة ولايته إلى هذا المقدار فيجوز له الترخيص ، فيرخص . هذا بحسب القاعدة الأولية . وأما بحسب الدليل ، فإن ورد فيه الدليل اثباتا أو نفيا فهو المتبع . وقد نسب - على ما في الكنز - إلى النبي ( صلى الله عليه وآله ) أنه رخص لمغرب الحضور في جماعات العيد .
[1] إذ قد يقال : بعدم منافاة الإطلاق ، للتغريب بشكل غير مستمر بأن يرجع عن المنفى بعد شهر ثم يعود وهكذا إلى أن تكمل السنة وذلك لقابليته للانقسام لصدق التغريب ، على من غرب سنة ولو بشكل غير مستمر ، إلا أن يقال إن التغريب منصرف إلى صورة الاستمرار لكن منشأ الانصراف هو التشكيك في الصدق وخفاء الصدق على التغريب غير المستمر فتأمل .