الموقف العملي تجاه الشريعة على طريق إقامة الدليل على الحكم الشرعي ، أو تعيين الموقف العملي مباشرة ، ولذلك عرف بتعاريف أمثال : 1 - " إنه ملكة يقتدر بها على استنباط الحكم الشرعي الفرعي من الأصل فعلا أو قوة قريبة " . نقله صاحب الكفاية عن البعض [1] ومراده الشيخ البهائي في زبدة الأصول . 2 - " استفراغ الوسع في تحصيل الحجة على الحكم الشرعي " [2] . وهو مختار صاحب الكفاية . الآن وبعد أن اتضح لدينا مفهوم الاجتهاد بمعنييه : العام والخاص ، حان لنا أن نؤكد على نقطة هامة جدا غفل عنها الكثير ممن كتب حول هذا الموضوع ، وهي : أن الاجتهاد بمعناه الخاص وإن كان مرفوضا لدى أئمة أهل البيت عليهم السلام إلا أن الاجتهاد بمعناه العام لم يكن مقبولا لدى الأئمة عليهم السلام فحسب ، بل كانوا يعلمون أصحابهم ويدربونهم على كيفية ذلك ، كما قال الإمام الصادق عليه السلام لسائل سأله عن المسح على مرارة وضعها على ظفره المقطوع : " يعرف هذا وأشباهه من كتاب الله عز وجل ، قال الله تعالى : ( ما جعل عليكم في الدين من حرج ) [1] إمسح عليه " [2] . وقد وصل الأمر إلى أنهم عليهم السلام كانوا يأمرون بعض أصحابهم بإفتاء الناس ، كما أمر الإمام الباقر عليه السلام " أبان بن تغلب " أن يجلس في مسجد الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ويفتي الناس حيث قال له : " اجلس في مسجد المدينة وافت الناس ، فإني أحب أن يرى في شيعتي مثلك " [3] . وعلى أي حال فلو غضضنا النظر عن القياس والاستحسان وأمثالهما حيث كان الأئمة عليهم السلام يرفضونهما رفضا باتا ، كانت عملية استنباط الأحكام الشرعية من الكتاب والسنة أمرا رائجا بين الشيعة ، وخاصة الذين تربوا في مدرسة الإمامين الصادقين عليهما السلام أمثال زرارة بن أعين ومحمد بن مسلم وأبان بن تغلب وغيرهم
[1] الكفاية : 463 وراجع زبدة الأصول : 115 . [2] الكفاية : 463 وراجع زبدة الأصول : 115 . [1] الحج : 78 . [2] الوسائل 1 : 327 ، الباب 39 من أبواب الوضوء ، الحديث 327 . [3] رجال النجاشي : 7 ، ترجمة أبان بن تغلب .