من الرأي والاجتهاد ، وخطأه ظاهر . . . " [1] . هكذا نرى السيد المرتضى - أيضا - يهجم على الاجتهاد بهذا المعنى وإن كان يميل إلى قبوله في الموضوعات الخارجية - لا الأحكام - مثل الاجتهاد في تعيين القبلة وأمثالها [2] . وكذلك نرى الشيخ الطوسي في أواسط القرن الخامس يقول عندما يذكر صفات المفتي : " وقد عد من خالفنا في هذه الأقسام أنه لا بد أن يكون عالما بالقياس والاجتهاد . . . وقد بينا نحن فساد ذلك وأنها ليست من أدلة الشرع " [3] . وكذا نرى ابن إدريس - في أواخر القرن السادس - يستعرض في مسألة تعارض البينتين من كتابه " السرائر " عددا من المرجحات لإحدى البينتين على الأخرى ثم يعقب ذلك قائلا : " ولا ترجيح بغير ذلك عند أصحابنا ، والقياس والاستحسان والاجتهاد باطل عندنا " [1] . وهكذا استمر هذا الرفض العنيف للاجتهاد بمفهومه الخاص إلى أوائل القرن السابع ، لأنه كان يعطي مفهوم القياس والرأي - أو كانا من مصاديقه الممقوتين لدى أئمة الشيعة عليهم السلام وفقهائهم - حتى تطور مفهومه الخاص إلى مفهوم أوسع منه . المعنى العام للاجتهاد : وبعد أن كان الاجتهاد عند السنة منحصرا في الرأي والقياس والاستحسان - على اختلاف في قبول بعضها - تطور مفهومه وأخذ يعطي معنى أوسع من معناه الأول الخاص . فهذا الغزالي المتوفى سنة ( 505 ) يعرف الاجتهاد بأنه : " عبارة عن بذل المجهود واستفراغ الوسع في فعل من الأفعال . . . ولكن صار اللفظ في عرف العلماء مخصوصا ببذل المجتهد وسعه في طلب العلم بأحكام الشريعة " ( 2 ) . وعرفه الآمدي بأنه : " استفراغ الوسع في طلب الظن بشئ من الأحكام على وجه يحس
[1] الجواهر 40 : 89 . [2] الذريعة إلى أصول الشريعة 2 : 308 . [3] عدة الأصول : 293 . [1] السرائر 2 : 170 . ( 2 ) المستصفى 2 : 350 .