في تلك المرحلة لم يبق العلم بالتكليف أصلا كما ترى في الصلاة إلى أربع جوانب بعد الإتيان بطرف واحد ليس في البين علم أبدا لاحتمال أن يكون المأتي به هو المأمور به لكن حكم العقل بلزوم الفراغ اليقيني بعد الاشتغال باق ويلزمه به مع عدم العلم وكذلك في التفصيلي فلو فرغ عن الظهر مثلا وشكّ في صحته وعدمه من جهة من الجهات فليس في البين علم ولكنه يلزمه بإتيانه ثانيا بلزوم الفراغ اليقيني غاية الأمر ان الشرع وسع في الفراغ بقاعدتها ليستريح العقل فيحكم بحصول الفراغ اليقيني لأنه أعم من الوجدان والتعبد ومما ذكرنا ظهر ان في العلم الإجمالي للعقل حكم مستقل ثالث طولى بان الفراغ اليقيني في العلم لا يمكن إلَّا بإتيان تمام أطرافه حتى يحصل الموافقة القطعية فهذه أحكام مستقلة طولية في باب العلم وعليه فإذا علم نجاسة أحد الشيئين كأحد الإنائين أو أحد الثوبين مثلا يجب الاجتناب عنهما لما عرفت من الأحكام العقلية الطولية آخرها ان الفراغ متوقف على ترك الكل ثم ان العلم الإجمالي المنجز هو الذي لو طبق على كل طرف من أطرافه فيحكم بلزومه وتنجزه بلا فرق بين الأطراف أبدا ( فحينئذ ) يكون منجزا واما إذا طبق على بعض أطرافه قد حكم العقل بأنه لو كان في الواقع هو المعلوم بالإجمال لم يكن منجزا لجهة من الجهات فلا يكون مثل ذلك العلم الإجمالي بمنجز أبدا ولذا قال الماتن ( قده ) بعد حكمه بتنجزه إلا إذا لم يكن أحدهما أي أحد الشيئين محلا لابتلائه ففي مثال الكأسين إذا فرضنا أحد الكأسين هو كأس السلطان مثلا فلا غبار في عدم تنجز ذلك العلم إذ قد عرفت ان العلم المنجز هو الذي لو طبق على كل طرف يكون منجزا وعليه لو كان المعلوم بالاجمالي هو كأس السلطان في الواقع فلا يكون منجزا فلا خطاب بالنسبة إلى الاجتناب عنه لقبح الخطاب بالاجتناب عما لا يبتلى به ولا يقدر عليه ( فحينئذ ) يكون العدل الآخر الذي محل ابتلائه ويقدر عليه مشكوكا بالشك البدوي لانتفاء العلم ( ح ) فيجري فيه الأصل بلا معارض فلا يجب الاجتناب عما هو محل الابتلاء أيضا لما قلنا من انتفاء الخطاب بالنسبة إلى محل الابتلاء لا إجمالا