وخالفهما المحقق الأصفهاني ( رحمه الله ) [1] ، فذهب إلى أن معنى الاختيار لا يساوق السلطنة لاستعماله في موارد كثيرة لا يمكن أن يراد به معنى السلطنة فيها ، كما إذا قلت : اختار زيد العزلة عن الناس ، واختار شرب الدواء الخاص ، واخترت لبس هذا الثوب من بين الأثواب ، وكقوله تعالى [2] : * ( واختار موسى من قومه سبعين رجلا ) * ، وقوله تعالى [3] : * ( وأنا اخترتك . . . ) * ، . . . إلى غير ذلك من الاستعمالات . ومن الواضح أنه لا معنى لإرادة معنى السلطنة من الاختيار في هذه الاستعمالات ، مع أنه لا يرى فيها وفي أمثالها أدنى مسامحة وعناية . ولعل الجامع بين هذه الموارد وغيرها من موارد استعمال مادة الاختيار على اختلاف هيئاتها هو إرادة ما يساوق معنى الترجيح والانتقاء والاصطفاء . ومن هنا يظهر أن الاختيار - ويلحق به الخيار لأنه بمعناه - يمكن أن يتعلق بالأعيان ، إذ يصح إضافة الانتقاء والترجيح إلى العين . وفي الآيتين الكريمتين المتقدمتين وغيرهما - كقول القائل : اخترت زيدا صديقا لي واخترت هذا الكتاب من بين الكتب - كفاية في إثبات المطلوب ، لإضافة الاختيار فيها إلى العين من دون أي تقدير ولا مسامحة . وأما ما ذكره السيد ( رحمه الله ) من : أن الاختيار لا يضاف إلى الأعيان ، فلعله ناشئ من الخلط بين الاختيار بالمعنى اللغوي والاختيار بالمعنى الاصطلاحي للمتكلمين الذي هو بمعنى المشيئة والإرادة ، إذ المشيئة لا يمكن أن تتعلق بغير الأفعال . فالتفت . هذا ، ولكن الانصاف أن ما ذكره المحقق الأصفهاني ( رحمه الله ) في معنى الاختيار لا يخلو عن مناقشة ، فإن الترجيح غير مساوق لمفهوم الاختيار ولو انطباقا ، فإنه لا
[1] الأصفهاني ، الشيخ محمد حسين : حاشية المكاسب / كتاب الخيارات ، ص 2 ، الطبعة الأولى . [2] سورة الأعراف ، الآية : 155 . [3] سورة طه ، الآية : 13 .