عرفت أن المستند فيها هو بناء العقلاء فلا بد من ملاحظة بنائهم في مثل الحال . فهل يرون تحقق الشركة بنحو التساوي أو لا بل تكون حصته من العين أكثر من حصة مالك الردئ بنسبة قيمة ماله ؟ الظاهر هو الثاني ، فإنه إذا كان لزيد حقة من السمن الجيد ولعمرو حقة من السمن الردئ وكانت قيمة الجيد ضعف قيمة الردئ فاختلط أحدهما بالآخر ، فإن العقلاء يرون تحقق الشركة بينهما لكن لا بنحو التساوي بل يكون لزيد ثلثا المجموع ولعمرو ثلثه . وهذا أمر لا إشكال فيه عندهم . فيثبت ذلك في ما نحن فيه . وإن التزمنا بالشركة في المالية ، فالأمر واضح جدا ، لأن ما يعود إليه بالفسخ قيمة ماله ، فيستحق قيمة ماله من ثمن الممتزج . وأما إذا التزمنا بالشركة لدليل خاص لا للتقريب المتقدم ، فبما أنه لا يعرف ما هو ذلك الدليل فلا نستطيع الجزم بأحد تلك الاحتمالات لا نفيا ولا إثباتا ، لأن السند للأصل مجهول فيصير الفرع مثله . ومما ذكرنا يظهر الكلام فيما إذا امتزج بالأجود ، فإن الكلام فيه هو عين الكلام فيما إذا امتزج بالأردأ بلا اختلاف أصلا . فلاحظ تعرف . ومن هنا يظهر الاشكال فيما أفاده الشيخ ( قدس سره ) من فصل الكلام في الخلط بالأردأ عن الكلام في الخلط بالأجود وذكر بعض الاحتمالات في أحدهما لم يذكرها في الآخر ، فإنه بعد ما عرفت اتحاد الكلام في الصورتين يرد عليه : أولا : عدم الوجه في تكثير الأقسام . وثانيا : عدم الوجه في التمييز بينهما من حيث الحكم . فلاحظ وتدبر . وقد أشار إلى هذا الاشكال المحقق الإيرواني ( رحمه الله ) [1] . يبقى شئ وهو ما نقله الشيخ ( قدس سره ) عن الشيخ الطوسي ( رحمه الله ) [2] من منعه زيادة حصة مالك الجيد على مقدار ماله بنسبة قيمة ماله التي عرفت أنها مقتضى الشركة في العين
[1] الإيرواني ، الشيخ ميرزا علي : حاشية المكاسب / كتاب الخيارات ، ص 38 ، الطبعة الأولى . [2] الطوسي ، محمد بن الحسن : المبسوط ، ج 2 : ص 263 ، الطبعة الأولى .