إسم الكتاب : المرتقى إلى الفقه الأرقى ( عدد الصفحات : 413)
الوفاء متفرع عن كون العقد صحيحا ، فلا معنى لأن يراد به صحة العقد . وأما فرض كونه ارشادا إلى صحة العقد ، فيدفعه : أنه لا معنى لامضاء البيع - مثلا - وبيان نفوذه بالأمر بما يترتب على الصحة والنفوذ . إذن ، فلا بد أن يكون الملحوظ به مقام اللزوم . وفرض كونه أمرا مولويا الذي يرجع إلى حرمة الفسخ ، فيترتب عليه فساده وعدم تأثيره وهو معنى اللزوم . يدفعه : أولا : إن النهي عن المعاملة على ما حققناه في الأصول [1] لا يقتضي الفساد ، كما ذهب إليه بعض [2] ، ولا يقتضي الصحة ، كما ذهب إليه آخرون [3] - فيما إذا تعلق بالمسبب - . وثانيا : أنه من الواضح الضروري أن الفسخ لو ثبت تأثيره أو عدمه لا يكون محرما ، إذ لم يدع أحد من الفقهاء حرمته . إذن فحمله على الوجوب المولوي الراجع إلى حرمة الفسخ خلاف ضرورة الفقه . وأما حمله على الارشاد إلى عدم تأثير الفسخ واللزوم ، فهو خلاف ظاهر الأمر شرعا خصوصا في مثل الوفاء الذي يعلم أنه محبوب شرعا فيشتمل على ملاك الأمر المولوي . وعلى هذا ، فلا بد من التصرف في معنى الوفاء ههنا وحمله على معنى يتلائم مع الأمر المولوي به ، فيقال إن المراد به ليس ابقاء الملكية حقيقة الذي يرجع إلى عدم الفسخ ، بل المراد به ابقاء الملكية عملا - كما يقال عين ذلك في المراد بالنقض في باب الاستصحاب فيقال إن المراد به النهي عن النقض عملا ، إذ لا يمكن النهي عن النقض والأمر بالابقاء حقيقة - ، فيرجع إلى الأمر المولوي بترتيب آثار الملكية .
[1] الحكيم ، السيد عبد الصاحب : منتقى الأصول ، ج 3 : ص 206 ، الطبعة الأولى . [2] الكاظمي ، الشيخ محمد علي : فوائد الأصول ، ج : ص 271 ، ط مؤسسة النشر الاسلامي . [3] التفتازاني ، ملا سعد : شرح التلويح على التوضيح ، ج 1 : ص 415 الطبعة الأولى .