إسم الكتاب : المرتقى إلى الفقه الأرقى ( عدد الصفحات : 413)
وكان من المناسب للشيخ ( قدس سره ) أن يتعرض لدفع الوجه الأول الراجع إلى بيان المحذور ثبوتا لا إثباتا ، فإنه وجه لا يخلو من وجاهة . كما أن استدلاله بالأخبار ليس كما ينبغي . وقد أورد عليه : بأن الكلام إنما هو على تقدير خاص وهو فرض ترتب ثبوت حق الخيار على الرد . والأخبار وإن ظهرت في تحقق الفسخ بالرد لكنها غير ظاهرة في تعليق حق الخيار بل في اشتراط انفساخ العقد بالرد ، ولا كلام في هذه الصورة فانتبه ولاحظ . وكيف كان ، فالعمدة في التوقف عن تحقق الفسخ بالرد في هذا الفرض هو الوجه الأول . وقد دفعه المحقق الأصفهاني ( رحمه الله ) [1] بأنه إنما يتم لو كان الرد شرطا متقدما على الخيار ، أما لو كان شرطا مقارنا فلا يتم هذا الوجه ، لأن المعتبر هو تحقق الفسخ في زمان الخيار . وإذا فرض أن الرد شرط مقارن للخيار ، كان ثبوت الخيار متحدا زمانا مع الرد فيصح أن ينشئ به الفسخ إذ هو فسخ في زمان الخيار ، والتقدم والتأخر الرتبي لا يضران بعد ما كان المدار على الوحدة من حيث الزمان . أقول : إذا كان حق الخيار عبارة عن حكم وضعي وكان مرجع الفسخ إلى كونه إعمالا وتنفيذا للحق الثابت ، كان الفسخ في رتبة متأخرة عن الخيار لأنه مأخوذ في موضوعه ولتفرعه عليه ، والمفروض أن الرد شرط لثبوت الخيار فهو في رتبة سابقة عليه ، فيمتنع أن يتحقق به الفسخ ، لأنه يلزم أن يكون سابقا على الخيار رتبة ولاحقا له رتبة في آن واحد وهو غير متصور . نعم ، لو دل دليل على أن الفسخ في زمان الخيار مؤثر ولو لم يكن بعنوان إعمال الخيار أمكن الفسخ بالرد لوحدة زمان الرد والخيار . وأما إذا كان الخيار عبارة عن أمر انتزاعي ينتزع عن انفساخ العقد بالفسخ ، لم يكن الفسخ إعمالا للخيار فيصح انشاؤه بالرد ، لعدم تفرعه على الخيار وتأخره عنه . فتدبر .
[1] الأصفهاني ، الشيخ محمد حسين : حاشية المكاسب / كتاب الخيارات ، ص 42 ، الطبعة الأولى .