أما جعل التصرف حجة على الرضا بلحاظ كشفه النوعي ، فهو مما لا ظهور لكلام الشيخ فيه . وتشبيهه بالظواهر إنما هو من جهة تحقق الكشف النوعي فيها عن مراد المتكلم لا من جهة حجيتها على المراد . كما أنه مما لا وجه له لأنه بعد إن كان الحكم مترتبا على ما هو كاشف نوعا عن الرضا ووجود الكاشفية تكويني محرز ، كان ثابتا بمجرد تحقق الكاشف وهو التصرف بلا أن يحتاج إلى اعتبار وجعل . نعم لو كان للرضا بوجوده الواقعي دخل في الحكم بالسقوط ، كما إذا كان جزء الموضوع ، اتجه ما ذكر من الاحتياج إلى جعل حجية التصرف على وجود الرضا لكشفه النوعي عنه باعتبار أن الرضا غير محرز إلا بهذا الطريق ، لكن الشيخ ( قدس سره ) لا ظهور لكلامه في دخالة الرضا بوجوده الواقعي . فليس الموضوع سوى ما هو كاشف عن الرضا بالكشف النوعي وهو محرز تكوينا كما هو الغرض ، فأي دليل على اعتبار التصرف حجة على وجود الرضا ؟ وأما ما ذكره من عدم احتياج التصرف إذا أخذ بما هو كاشف شخصي إلى جعله حجة على وجود الرضا وتفكيكه بين الكاشف النوعي والشخصي في ذلك ، فهو عجيب ، لأن الكاشف الشخصي إنما لا يحتاج إلى جعل الحجية إذا أريد به الكاشف القطعي لأن القطع لا يحتاج إلى جعله حجة . أما إذا أريد به الكاشف الظني ، فهو ما يحتاج إلى جعله حجة لعدم كون الظن حجة بنفسه ، وقد عرفت أنه صرح بإرادة الكشف الظني . فما أفاده مما لا نعرف له وجها ظاهرا . نعم ، لا يرد ما ذكرناه على المحقق الأصفهاني ( رحمه الله ) لأنه لم يصرح بإرادة الكشف الظني ، بل أطلق الكشف الشخصي بلا تقييد فلعله يريد به الكشف القطعي . فتدبر . ثم إن السيد ( رحمه الله ) [1] ذكر أن كلام الشيخ ( قدس سره ) لا يخلو من اضطراب : فيظهر منه تارة : أخذ التصرف الكاشف نوعا عن الرضا موضوعا للحكم بسقوط الخيار بما
[1] الطباطبائي ، السيد محمد كاظم : حاشية المكاسب / كتاب الخيارات ، ص 20 ، الطبعة الأولى .