وأما إذا كان مأخوذا غاية للحكم كان لحديث الرفع في نفي تأثير الافتراق الاكراهي في اللزوم مجال ، واستشهد ( رحمه الله ) على ما ذهب إليه على التقدير الأول بأنه إذا أمر المولى عبده باكرام زيد الجالس في المسجد بحيث كان موضوع الاكرام هو زيد المقيد بكونه في المسجد ، فلو أخرج زيد من المسجد مكرها ، فهل يتوهم أحد بقاء الحكم بوجوب إكرامه بعد خروجه بدعوى أن حديث الرفع يتكفل رفع أثر الخروج ؟ وقد استظهرا ( قدس سرهما ) من الأدلة كون الافتراق مأخوذا قيدا للموضوع . ولأجل ذلك أنكرا إجراء حديث الرفع فيه . وقد ناقش المحقق الأصفهاني ( رحمه الله ) [1] في هذا البيان : بأن المدار في جريان حديث الرفع على كون الافتراق قيدا شرعيا في قبال كونه قيدا عقليا ، فإذا كان قيدا شرعيا جرى حديث الرفع فيه بلا فرق بين الصورتين لأنه مما يكون أمر وضعه ورفعه بيد الشارع . فالخيار إذا ثبت شرعا للبيعين ممتدا إلى حصول الافتراق صح رفعه كما صح وضعه . وأما إذا كان موضوع الخيار هو الهيئة الاجتماعية الخاصة المستفاد ذلك من جعل الافتراق حدا ، كان الافتراق حدا عقليا لزوال تلك الهيئة التي هي موضوع الأثر شرعا حدوثا وبقاء ، فالاكراه على الافتراق ليس إكراها على ما هو موضوع الأثر شرعا . والذي يقتضيه النظر هو صحة ما ذهب إليه السيد ( رحمه الله ) من منع جريان حديث الرفع على تقدير أخذ الافتراق من قيود الموضوع لا الحكم ، بيان ذلك : أن الافتراق إذا كان قيدا للموضوع فلا يكون له حكم مستقل ، بل الحكم المستقل يترتب على الموضوع المقيد به ، فإذا أريد إجراء حديث الرفع فإنما يجري بالنسبة إلى الحكم المترتب على الموضوع المقيد . ومن الواضح أن إجراءه ينتج عكس النتيجة المطلوبة ، لأن الحكم المترتب
[1] الأصفهاني ، الشيخ محمد حسين : حاشية المكاسب / كتاب الخيارات ، ص 38 ، الطبعة الأولى .