وكلامه هذا يصادم الفتوى والوجدان لظهور أخذ الافتراق غاية للخيار في اعتبار الاجتماع ، إذ لا يصدق الافتراق بدونه . فاعتبار الاجتماع في موضوع هذا الخيار مما لا يمكن إنكاره . وهل المراد به الاجتماع على المعاملة ولو لم يكن اجتماع في الأبدان ، نظير صلاة الجماعة في رأي أهل السنة في زماننا حيث جوزوا الائتمام مع الفصل الكثير ؟ . الظاهر أنه لا يراد به ذلك ، إذ المفروض أنه بالافتراق يلزم البيع مع أن الافتراق على هذا الاحتمال يحصل بالتفاسخ ولا معنى لأن يكون غاية للزوم البيع . فالمراد به الاجتماع بالأبدان قطعا . ثم المراد به مطلق الاجتماع ولو لم يكن في مجلس العقد ؟ أو يراد به الاجتماع في مجلس العقد ، كما هو ظاهر صدر كلام الشيخ الذي نقلناه ، أو بإضافة خصوصية أخرى وهي كون الاجتماع مرتبطا بالعقد ولغاية حصوله لا مطلق الاجتماع في مجلس العقد ولو كان عفوا أو للتفرج ؟ وذهب إلى هذا الأخير المحقق الأصفهاني ( رحمه الله ) [1] . وقد عرفت أن تحقيق الحق في ذلك يأتي انشاء الله ويأتي أيضا انشاء الله تحقيق ما يريده الشيخ في ذيل كلامه الذي نقلناه وأنه هل يريد ما ذكره الأصفهاني ( رحمه الله ) أو شيئا آخر ، فانتظر بحث مسقطات هذا الخيار . القسم الثاني من أقسام الوكيل : ما كان وكيلا في التصرف المالي ومستقلا في التصرف في مال الموكل بحيث يشمل فسخ المعاوضة بعد تحققها ، نظير العامل في باب القراض وأولياء القاصرين . وقد ذهب الشيخ ( قدس سره ) إلى ثبوت الخيار له . والوجه فيه هو صحة إطلاق البيع والبائع عليه بلا إشكال ، فيعمه دليل الخيار ، كما أن ما تقدم من استظهار أن الخيار ثابت في مورد ثبت فيه حق الرد لا يمنع من ثبوت الخيار ههنا ، إذ المفروض أنه مخول في كل شئ ، فله الإقالة ورد المال إلى مالكه الأول .
[1] الأصفهاني ، الشيخ محمد حسين : حاشية المكاسب / كتاب الخيارات ، ص 11 ، الطبعة الأولى .