لا يصحح صدق الفعل على عدم القلع ، فهل يستطيع أحد أن يدعي أن عدم رفع عمرو الحجر الواقع في دار زيد مع تمكنه من ذلك إبقاء للحجر في الدار من قبل عمرو فيترتب عليه أثر الفعل ؟ وأما ترتيب آثار الغصب على البقاء فيما لو كان الحدوث بغير إذن صاحب الدار ، فهو ليس من جهة أنه فعل للغاصب بقاء ، بل من جهة استناد هذا الاشغال إلى الغاصب بفعله الحدوثي وهو يكفي في ترتيب آثار الغصب . وهذا لا يجري فيما نحن فيه لأن فعل الغرس حدوثا كان في ملكه لا في ملك الغير فكونه في ملك الغير بقاء لا يستند إليه لأنه ليس باختياره ، فالتفت . هذا كله فيما يرتبط بالغرس . وأما إذا كان زرعا ، فقد حكى الشيخ ( قدس سره ) عن المسالك [1] تعين بقائه بالأجرة لأن له أمدا ينتظر . واحتمل الشيخ ( قدس سره ) [2] في وجهه هو كونه جمعا بين الحقين على وجه لا ضرر فيه على الطرفين بخلاف مسألة الشجر فإن في تعيين إبقائه بالأجرة ضررا على المالك لطول مدة البقاء . وأورد عليه المحشون [3] بأن الفرق بين الموردين بقلة الضرر وكثرته وهو لا يصلح فارقا في الحكم ، فكما يجوز للمالك قلع الغرس لأن في بقائه ضررا عليه ، كذلك يجوز قلع الزرع لامتناع الانتفاع بالأرض مع وجوده فيستلزم الضرر على المالك ، فيرفع حرمة القلع بمقتضى قاعدة نفي الضرر . نعم ذكر المحقق الأصفهاني ( رحمه الله ) [4] أن وجود الشجر يستلزم مضافا إلى امتناع الانتفاع نقص قيمة الأرض لأنها مسلوبة المنفعة لمدة طويلة بخلاف الزرع لعدم طول أمده ، لكن هذا لا يمنع من جواز القلع لاستناده إلى امتناع الانتفاع لا إلى نقص القيمة ، فلاحظ .
[1] الشهيد الثاني ، زين الدين : مسالك الأفهام ، ج 2 : ص 225 ، ط مؤسسة المعارف الاسلامية . [2] الأنصاري ، الشيخ مرتضى : المكاسب ، ص 241 ، الطبعة الأولى . [3] الأصفهاني ، الشيخ محمد حسين : حاشية المكاسب / كتاب الخيارات ، ص 67 ، الطبعة الأولى . [4] الأصفهاني ، الشيخ محمد حسين : حاشية المكاسب / كتاب الخيارات ، ص 67 ، الطبعة الأولى .