إسم الكتاب : المرتقى إلى الفقه الأرقى ( عدد الصفحات : 413)
وإن كان التزاما عمليا حقيقة كما هو ظاهر كلامه ، فهو يتوقف على أن يكون التصرف كاشفا عن الرضا بالملازمة كي يعد عرفا أنه التزام عملي . أما إذا لم يكن لازما للرضا غالبا ولم يرتبط به نوعا ، فلا يعد التزاما عمليا ، لأن الالتزام العملي إنما ينطبق على ما هو أثر الالتزام القلبي نوعا . فلاحظ وتدبر . وعلى هذا ، فيتعين حمل الرواية على الوجه الأول - تبعا للسيد الطباطبائي ( رحمه الله ) [1] - فنقول : إن المراد بالرضا ههنا ليس هو الرضا القلبي والرغبة النفسية إذ لا أثر له في السقوط كي ينزل التصرف منزلته ، بل المراد هو الالتزام بالعقد واختيار لزومه في قبال فسخه ، وهو مما يترتب عليه سقوط الخيار . فالنص يتكفل تنزيل التصرف منزلة الالتزام في هذا الأثر فيترتب عليه سقوط الخيار ، فليس هو رضا حقيقة ولا كاشفا عنه ، بل هو منزل منزلة الرضا بالعقد بلحاظ ترتب سقوط الخيار عليه . وهذا المعنى يمكن أن ندعي أنه ظاهر من النص . ومن الغريب أن الشيخ ( قدس سره ) ادعى كون الظاهر من النص هو الوجه الثالث مع احتياجه إلى التقدير ، كما عرفت ، مضافا إلى الاشكال في أساسه . بل الظاهر من النص هو التنزيل خصوصا بملاحظة صدور الكلام من الشارع الذي من شأنه التعبد لا بيان الواقعيات . ومقتضاه أن مطلق التصرف يكون موجبا لسقوط الخيار بأي نحو تحقق ، وهو الذي يوافق إطلاق سائر النصوص . نعم ، ذكر الشيخ ( قدس سره ) أمورا لاستبعاد إرادة هذا الوجه وتأييد الوجه الثالث لكنها قابلة للمناقشة : فمنها : ما ذهب إليه الجل من أن كل تصرف يكون إجازة من المشتري يكون فسخا من البائع ، فإنه لو كان التصرف موجبا لسقوط الخيار تعبدا لم يكن وجه لهذا الحكم لأن دليله يختص بالمشتري فلا وجه للتعدي من كونه إجازة إلى كونه
[1] الطباطبائي ، السيد محمد كاظم : حاشية المكاسب / كتاب الخيارات ، ص 30 ، الطبعة الأولى .