ولا يخفى أن الصحيح من هذه المعاني الأربعة التي يمكن أن يلتزم به هو الثاني والثالث دون الأول والرابع . أما الأول ، فيرد عليه : أولا : أنه يبتني على حجية الظن الناشئ من الغلبة وهو غير ثابت ، إذ لا دليل على حجيته . وثانيا : أنه لا يرتبط بما نحن بصدده لأن ما نحن بصدده هو إثبات الأصل في طبيعي البيع مثلا وأن بناءه على اللزوم أو لا ، وهذا المعنى يبتني على إثبات غلبة اللزوم في البيع ، فينفع في إلحاق المشكوك بالغالب ، فهو يرتبط بخصوص فرد معين من المعاملة شك في لزومه وجوازه ، لا بكلي المعاملة وطبيعيها إذا شك في أنها لازمة ، كالبيع - مثلا - ، أو جائزة ، كالهبة . وقد أورد الشيخ ( قدس سره ) على هذا المعنى : بأن المراد إن كان غلبة الأفراد فغالبها ينعقد جائزا لأجل خيار المجلس أو الحيوان أو الشرط . وإن كان المراد غلبة الأزمان فهي لا تنفع في الأفراد المشكوكة . ولا بد من ايقاع الكلام في كلا الشقين ، فنقول : أما غلبة الأفراد . . فيمكن تصحيحها بعد تقييد المعاملة بما بعد المجلس والثلاثة أيام في الحيوان ، فإنه لنا أن نقول إن الغالب في أفراد البيع هو اللزوم فيما بعد المجلس أو الثلاثة أيام في بيع الحيوان - مثلا - . وأما غلبة الأزمان . . فقد استشكل السيد الطباطبائي ( رحمه الله ) [1] في ما أفاده الشيخ ( قدس سره ) : من أن غلبة الأزمان لا تنفع في الأفراد المشكوكة ، بأن الشك في فرد من البيع أنه لازم أو جائز يلازم الشك في جوازه في زمان خاص ، فإذا الحق هذا الزمان بحكم الغلبة
[1] الطباطبائي ، السيد محمد كاظم : حاشية المكاسب / كتاب الخيارات ، ص 3 ، الطبعة الأولى .