الطرفين في مثل مفروض المسألة وهو النص المتضمن لبيان مشيه ( عليه السلام ) خطوات بقصد ايجاب البيع ، فلا يهم بعد ذلك صدق الافتراق على سكون الساكن وعدمه . فتدبر . الجهة الخامسة : في أنه إذا تحقق الافتراق عن إكراه من الغير مع عدم التمكن من التخاير قبل الافتراق ، فهل يكون مثل هذا الافتراق موجبا لسقوط الخيار أو لا ؟ وقد ذكر الشيخ ( قدس سره ) أن المعروف عدم الاعتبار به واستدل لذلك بوجوه : الوجه الأول : دعوى تبادر الاختيار من الفعل المسند إلى الفاعل المختار . وعليه ، فالمراد بالافتراق هو الافتراق الصادر عن اختيار ، فلا عبرة بغير الاختياري منه . وقد قربه المحقق الأصفهاني ( رحمه الله ) [1] بما حاصله : أن نسبة المواد إلى محالها مختلفة بسبب اختلاف المسند إليه من كونه فاعلا بالطبع كالنار بالنسبة إلى الحرارة ، وكونه فاعلا بالإرادة ، ففي الأول لا تقتضي نسبة المادة إلى المحل سوى قيامها به بخلاف الثاني فإن نسبتها إلى الفاعل بما هو فاعل بالإرادة تقتضي صدورها منه بالإرادة والاختيار . ولا يخفى أن ذلك لا يتنافى مع صدورها منه عن إكراه ، إذ الاكراه لا يستلزم سلب الإرادة عن الفعل المكره عليه ، لكن ظاهر إسناد الفعل إلى الفاعل بالإرادة هو صدوره منه بنفسه وبطبعه من دون دخل لإرادة الغير فيه ، وهذا يستلزم عدم صدوره عن إكراه لأن إرادة الغير - في باب الاكراه - دخيلة في تحقق الفعل ، إذ الفاعل لولا توعيد المكره لا يصدر منه الفعل بطبعه لعدم ميله إليه . وعليه ، فبمقتضى هذين الأمرين - اقتضاء مقام الفاعل بالإرادة لصدور الفعل عنه بالإرادة وظهور إسناد الفعل إليه بما هو كذلك في صدوره منه مستقلا وبلا شركة للغير فيه - يحمل الافتراق على ما صدر عن اختيار وبلا إكراه .
[1] الأصفهاني ، الشيخ محمد حسين : حاشية المكاسب / كتاب الخيارات ، ص 28 ، الطبعة الأولى .