وأما بحسب مقام الاثبات ، فهناك ما يدل بنحو العموم على أن لكل ذي حق اسقاط حقه . وعليه ، فيثبت في موارد الخيار امكان إلزام العقد باسقاط الخيار . الجهة الثانية : في أنه هل يثبت في موارد الخيار حق إبرام العقد وتثبيته وجعله لازما بالالتزام به بقاء أوليس لذي الخيار هذا الحق ؟ والكلام في هذه الجهة في مرحلتين : الأولى : في إثبات حق الابرام . والثانية : في بيان ما يتحقق به انشاء الابرام على تقدير الالتزام بثبوت ذلك ، فهل يتحقق بانشاء الالتزام بالعقد أو يتحقق بانشاء ترك الفسخ . ويقع الكلام في المرحلة الأولى وهي أنه هل له حق الابرام كماله حق الفسخ أوليس له إلا حق الفسخ وتركه ؟ وقد عبر المحقق الأصفهاني ( رحمه الله ) [1] عن هذا النزاع ، بأنه هل يتقوم الخيار بأمرين وجوديين أم بأمر وجودي وأمر عدمي وأوقع الكلام فيه ، ونسب إلى بعض أجلة العصر عدم ثبوت حق الابرام ، بتقريب إليك نصه : " أن العقد مقتض للزوم فإن الأصل في البيع هو اللزوم والخيار جهة مانعة ، فابرام العقد بعدم إعمال جهة مخالفة لمقتضاه من دون حاجة إلى إعمال جهة وجودية ، فليس لإبرام العقد معنى إلا عدم نقضه وهدمه وهو معنى الالتزام به ، إذ الرضا باستمرار الأمور الواقعة في الخارج المقتضية للدوام ليس إلا بعدم إرادة نقضها وهدمها " . ولا يخفى عليك أن ظاهر هذه العبارة المنقولة أنها بحث في المرحلة الثانية لا الأولى - التي هي محل الكلام - ، لأنها صريحة في ثبوت الابرام والمفروغية عن ذلك وأنه لا يحتاج إلى انشاء أمر وجودي بل يكتفي فيه بانشاء عدم الفسخ ، فلنا أن نقول أن المحقق الأصفهاني ( رحمه الله ) خلط بين المرحلتين . وعلى أي حال ، فهذه العبارة أجنبية عما نحن بصدده . ويمكن توجيهها بما ينتهي إلى كونها دليلا على ثبوت حق الابرام ، بأن نقول : إن المراد أن العقد مقتض للزوم ، ونسبة الفسخ إليه نسبة المانع من تأثيره ، فترك
[1] الأصفهاني ، الشيخ محمد حسين : حاشية المكاسب / كتاب الخيارات ، ص 3 ، الطبعة الأولى .