اذن فان سكوت الصحابة لا يدل على أنهم تلقوا النسخ عن النبي ( صلى الله عليه وآله ) أو أنهم راضون بكلام الخليفة . وإذا جعل الرازي سكوت الصحابة وعدم انكارهم عليه شاهدا على أن عمر تلقى النسخ من الرسول ( صلى الله عليه وآله ) فلماذا لا يجعل إصرار كبار الصحابة على مخالفته ، واستمرارهم حتى بعد تحريمه على الفتوى بحلية المتعة من أعظم النكير عليه ؟ وإذا كانوا غير منكرين عليه ، اذن فما معنى نقمهم وغضبهم من تحريمه لها ؟ ولو قبلنا توجيه الرازي لكلام عمر وهو : أنه نهى عنها لما ثبت أنه ( صلى الله عليه وآله ) نسخها ، فماذا يقول الرازي في متعة الحج وأكثر أهل السنة يعتمرون عمرة التمتع في أشهر الحج ، ويخالفون عمر في نهيه إياها ؟ فقد قال العيني في ( عمدة القاري 4 / 562 ) : فان قلت : روي عن أبي ذر أنه قال : كانت متعة الحج لأصحاب محمد ( صلى الله عليه وآله ) خاصة ، في ( صحيح مسلم ) . قلت : قالوا : هذا قول صحابي يخالف الكتاب والسنة والإجماع وقول من هو خير منه . أما الكتاب فقوله تعالى : " فمن تمتع بالعمرة إلى الحج " . وهذا عام ، وأجمع المسلمون على إباحة التمتع في جميع الأعصار وإنما اختلفوا في فضله ، وأما السنة فحديث سراقة : المتعة لنا خاصة أو هي للأبد ؟ قال : بل هي للأبد ، وحديث جابر المذكور في ( صحيح مسلم ) في صفة الحج نحو هذا ، ومعناه أن أهل الجاهلية كانوا لا يجيزون التمتع ولا يرون العمرة في أشهر الحج الا فجورا فبين النبي ( صلى الله عليه وآله ) إن الله قد شرع العمرة في أشهر الحج وجوز المتعة إلى يوم القيامة ، رواه سعيد بن منصور من قول طاووس وزاد فيه : فلما كان الإسلام أمر الناس أن يعتمروا في أشهر الحج فدخلت العمرة في أشهر الحج إلى يوم القيامة . وقد خالف أبا ذر علي وسعد وابن عباس وابن عمر وعمران بن حصين وسائر الصحابة وسائر المسلمين ، قال عمران : تمتعنا مع رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ونزل فيه القرآن فلم ينهنا عنه رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ولم ينسخها شئ فقال فيها رجل برأيه ما شاء ، متفق عليه . وقال سعد بن أبي وقاص : فعلناها مع رسول الله ( صلى الله عليه وآله )