responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : القول الرشيد في الاجتهاد والتقليد نویسنده : السيد المرعشي    جلد : 1  صفحه : 54



( 1 ) اعلم أنّ الاجتهاد في مصطلح فقهاء الإسلام وعلماء أُصول الفقه يطلق ويراد به أحد معنيين : الأوّل : الاجتهاد بالمعنى الخاصّ : وهو المعنى المرادف للقياس أو نفس القياس وكذلك الاستحسان ، يقول الشافعي : « فما القياس ؟ أهو الاجتهاد أم هما مفترقان ؟ قلت : هما اسمان بمعنى واحد » ( الرسالة للشافعي : 477 ) ، وعند مصطفى عبد الرزّاق أنّ القياس والاستنباط والاستحسان معاني مرادفة للاجتهاد فقال : « فالرأي الذي نتحدّث عنه هو الاعتماد على الفكر في استنباط الأحكام الشرعيّة وهو مرادنا بالاجتهاد والقياس ، وهو أيضاً مرادف للاستحسان والاستنباط » ( تمهيد لتاريخ الفلسفة الإسلامية : 138 ) وهذا الاجتهاد هو المقصود عند السنّة وقد أنكره أئمة أهل البيت ( عليهم السّلام ) وفقهاء الشيعة غاية الإنكار ، فقال الإمام الصادق ( عليه السّلام ) لأبي حنيفة القائل بالقياس : « اتّق اللَّه ولا تقس الدين برأيك » ( حلية الأولياء 3 : 196 ) ، وكتب علماء الشيعة مصنّفات في ردّ هذا الاجتهاد كابن عبد الرحمن الزبيري وعليّ بن أحمد الكوفي والشيخ المفيد وغيرهم . الثاني : الاجتهاد بالمعنى العامّ : وهو عبارة عن بذل المجهود واستفراغ الوسع في فعل من الأفعال إلَّا أنّه صار في عرف العلماء مخصوصاً ببذل المجتهد وسعه في طلب العلم بأحكام الشريعة أو استنباط الحكم من الأدلَّة التفصيليّة أو إرجاع الفروع إلى الأُصول . ولهذا الاجتهاد تعاريف عديدة ومآلها إلى استنباط الأحكام الشرعيّة من أدلَّتها الخاصّة ، والشيعة الإمامية تقول بهذا الاجتهاد وبفتح بابه في عصر الغيبة الكبرى ، قال المحقّق الحلَّي المتوفّى سنة 676 : « الاجتهاد في عرف الفقهاء بذل الجهد في استخراج الأحكام الشرعية ، وبهذا الاعتبار يكون استخراج الأحكام الشرعيّة من أدلَّة الشرع اجتهاداً لأنّه يبتنى على اعتبارات نظرية ليست مستفادة من ظواهر النصوص في الأكثر » ، وقال المحقّق الحلَّي بعد أن فصل بين الاجتهادين : « على هذا يلزم أن يكون الإماميّة من أهل الاجتهاد ؟ قلنا : الأمر كذلك لكن فيه إبهام من حيث أنّ القياس من جملة الاجتهاد ، فإذا استثني القياس كنّا من أهل الاجتهاد في تحصيل الأحكام بالطرق النظريّة التي ليس أحدها القياس » ( معارج الأُصول : 117 ) فالشيعة رفضت الاجتهاد بالمعنى الأوّل وأقرّت وتبنّت المعنى الثاني . وأبناء العامّة إنّما قالوا بالقياس والاستحسان والمصالح المرسلة باسم الاجتهاد لنقص نصوصهم اللفظيّة عن الحوادث والوقائع الجديدة ، فلم يكن عندهم من النصّ النبوي مثلًا ما يغطَّي وقائع الحياة المعاصرة ، لأنّهم بعد وفاة الرسول الأعظم وقفوا على عدم استمرار الإمامة والخلافة الحقّة ، ولمثل هذا يقول عمر بن الخطَّاب لأحد عمّاله : « فإن جاءك ما ليس في كتاب اللَّه ولم يكن فيه سنّة رسول اللَّه ( صلَّى اللَّه عليه وآله ) ولم يتكلَّم فيه أحد قبلك فاختر أيّ الأمرين شئت ، وإن شئت أن تجتهد برأيك تتقدّم فتقدّم ، وإن شئت تتأخّر فتأخّر » ( دائرة المعارف الإنصاف في بيان سبب الاختلاف ) 3 : 212 ) . وأمّا الإمامية الاثني عشرية فقد آمنوا باستمرار الرسالة المحمّدية والقيام بها حفظاً وتبليغاً من قبل خلفاء رسول اللَّه الأئمة الاثني عشر ( عليهم السّلام ) الذين نصّ عليهم في مواطن عديدة فقاموا بتغطية المستجدّات الزمانية والمكانية بالنصوص المودعة عندهم من قبل جدّهم رسول اللَّه ( صلَّى اللَّه عليه وآله ) ، فكانت مدرسة أهل البيت غنيّة بالنصوص ، ووضع الأئمة ( عليهم السّلام ) القواعد الفقهية والأُصوليّة التي مهّدت للغيبة الكبرى وإعطاء دور عظيم للفقهاء العدول ، وبهذه القواعد الأوّلية أرى المذهب الشيعي أُصوله المحمّدية ، ولا فرع إلَّا وله مدخل في أُصولنا ومخرج على مذهبنا كما قاله الشيخ الطوسي عليه الرحمة ، وبهذا يبقى المذهب الشيعي يتماشى مع كلّ عصر وفي كلّ مصر ، فهو مذهب حيّ يعتقد بإمامة إمام حيّ المهدي من آل محمّد ( عليهم السّلام ) .

54

نام کتاب : القول الرشيد في الاجتهاد والتقليد نویسنده : السيد المرعشي    جلد : 1  صفحه : 54
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست