6 - 7 - الخوف والرجاء ، فإن الانسان إذا ظن أن أمرا يحدث في المستقبل يضره فيعرض له الخوف أو ينفعه فيعرض له الرجاء ، وأما سائر الحيوانات فإنهما يحصلان لها بالفعل لا لأجل الظن بحدوث موجبيهما في المستقبل ، كنقل النمل البر بالسرعة إلى حجرها منذرة بالمطر ، فإنها أما ان يتخيل أن هناك مؤذ يكون ، أو مطر ينزل . . . وبالجملة : إن الافعال الحكمية والعقلية إنما تصدر من الانسان من جهة نفسه الشخصية ، ومن سائر الحيوانات من جهة عقلها النوعية تدبيرا كليا . 8 - ما يتصل بما ذكر من أن الانسان له أن يروي في أمور مستقبلة هل ينبغي أن يفعلها أو لا ينبغي ؟ فحينئذ يفعل وقتا ما حكمت به رؤيته وتدبيره أن يفعله ، ولا يفعل هذا وقتا آخر بحسب ما يقتضي رؤيته إلا يفعله ، ما كان يصح ان يفعله في الوقت الأول ، وكذا العكس ، وأما الحيوانات الأخرى فليس لها ذلك وإنما لها من الاعدادات ما يكون على ضرب واحد مطبوع فيها وافقت عاقبتها أو خالفت . 9 - تذكر أمور غابت عن ذهن الانسان ، والحيوانات الأخرى لا تقدر على مثله . 10 - أخص خواص الانسان تصور المعاني الكلية المجردة عن المادة والاهتداء إلى التصديقات والتصورات المجهولة ، وأخص من هذا اتصال النفوس الانسانية بالعالم الإلهي بحيث تفنى عن ذاتها وتبقى ببقائه ، وحينئذ يكون الحق سمعه وبصره ورجله ويده ، وهناك التخلق بأخلاق الله تعالى [1] .