أقول : صح ما ذكره أولا فهو لا يدل على مدعاه ، لان الحس والحركة الإرادية تجامعان الحياة الحيوانية وتنفيان الحياة النباتية فقط ، ولا تتطلبان الحياة الانسانية بخصوصها حتى يقال : إن مخه يدرك الكليات أو يحاول أن يثبت ملزوم إدراك الكليات وهو تعلق الروح الانسانية بالجنين ، فهذا القائل لم يقدر على إثبات مدعاه هذا إذا فرضنا وجود نفس حيوانية في الانسان ، منحازة عن الروح الانسانية وكانت هي المصدر للحس والحركة الإرادية ، وأما إذا لم يكن الامر كذلك وان الحس والحركة الإرادية وان كانا في الحيوانات مستندين إلى النفس الحيوانية لكنهما في الانسان مستندان إلى النفس الناطقة الانسانية فقط ، ولا روح حيوانية مستقلة في الانسان ، فصحة هذا القول يثبت مدعى قائله لا محالة ، فلا بد من بلوغ ما ادعاه إلى درجة القطع ، فإنه بالفعل مشكوك . والمظنون أن ما تقدم من إيراد بعض الأطباء على القول الأول ناظر إلى ادعاء هذا القائل ، حيث وصفه بأنه من باب الفلكلور أو من باب التحمس لوجهة نظر معينة ومحاولة تأييدها علميا بغير سند علمي . ( القول الرابع ) : أن بدء الحياة الانسانية ليس لحظة الالتحام بل وقت العلوق ، إذ ليست كل بويضة ( بييضة ) ملقحة هي لا بد أن تنغرس في الرحم ، يمكن أن يتسبب اللولب لتصريفها ، لأنه لا تبدأ الحياة فعلا إلا حين تصبح ملتصقة بالام وبالرحم ، أي : إذا انغرست في الرحم ، وهو ما عبر عنه بعض الأطباء بالاندغام ، مأخوذا من كلمة العلوق [1] .