وللبيئة الثقافية تأثير في تنشئة الولد ، وقد ذكر علماء النفس تأثير الثقافة على الجنين ، فكيف بالوليد [1] . ونقصد بالبيئة الثقافية المعرفة والعقائد والعلم والقانون والأخلاق والعرف والعادة وما أشبه ذلك . بل ذكر جماعة من العلماء أن التفوّق العلمي والفكري هما من نتائج البيئة الثقافية - بنحو المقتضي . وللبيئة الطبيعية أثر كبير على حياة الإنسان ، فمن كان يعيش بعيدا عن الشمس في طرف الشمال أو الجنوب - مثلا - حيث يبرد الهواء هناك ليصل إلى ما يقارب الثلاثين تحت الصفر أو أكثر ، نلاحظ أثر ذلك في أمزجتهم الباردة وأخلاقهم عادة ، ونوعا ما في أبدانهم . فعظمت أبدانهم وابيضت ألوانهم وانسدلت شعورهم . أما من كان قريبا من خط معدّل النهار ومن خط الاستواء فإن أمزجتهم تصبح حارة وبشرتهم مائلة إلى السواد ، لكثرة تعرضهم لأشعة الشمس وربّما تغلظ شعورهم ومشاعرهم ليغلب عليها حدّة الطبع في الجملة ، وهناك أمثلة كثيرة على أثر البيئة الطبيعية على البشرية . والحاصل أن البيئة الثقافية والطبيعية مؤثرتان في كل شيء من الإنسان ، كما أن البيئة المناخية لها تأثيرها الكبير في شخصية الإنسان وطبيعته التكوينية ، فيسهم المناخ بدور كبير في قدرات الإنسان على الحركة والعمل . ومن الواضح أنّ العناصر المناخية التي تؤثر في جسم الإنسان عبارة عن الحرارة والرطوبة واليبوسة والبرودة والرياح والإشعاع الشمسي ، وكون ذلك قريبا من سواحل البحر أو بعيدا عنه ، أو قريبا من الجبل أو بعيدا عنه وغير ذلك ، لذا يشاهد في المناخات الحارة أن الجبال المحيطة بذلك المناخ تصبح
[1] وفي قبال هذا الرأي هناك من يعتقد أن انطباعات الإنسان الثقافية تبدأ من السنة الثانية وتتكامل في السنة الثامنة من عمره .