والرسالة وإحدى قضايا الأعجاز وهي قضية مارية القبطية [1] التي نزلت فيها أوائل سورة التحريم ، وفي قضية الزوجتين اللتين أودعهما النبي ( ص ) سراً فأظهرتاه والمرأة مهما كانت رخوة العنان ضعيفة الكتمان ولكن أراد النبي ( ص ) ان يصهرهنَّ في بوتقة الامتحان حتى يظهر الذهب الخالص من المزيف ، وعلى كل حال فقد اظهر الله جل شأنه لنبيه في تعدد الزوجات معجزتين : الأولى : في داخليته وعدله المستمر بينهنَّ أكثر من عشر سنين . الثانية : وهي أكبر آية وأعظم اعجازاً وأسطع برهاناً . ذاك ان من يستقرئ سيرة النبي ( ص ) بعد هجرته من وطنه البيت الحرام إلى مصيره الأخير - يثرب يجده في هذه السنوات الأخيرة من عمره الشريف كالرجل الفراغ البال من
[1] مارية بنت شمعون القبطية من فواضل نساء عصرها عدها جمع من علماء الرجال من الصحابيات وهي مولاة رسول الله ( ص ) وسريته وهي أم ولده إبراهيم بن النبي ( ص ) وكانت أم مارية رومية وكانت مارية بيضاء جعدة جميلة فأهداها المقوقس صاحب الإسكندرية إلى رسول الله ( ص ) سنة ( 7 ) ه ومعها أختها سيرين وألف مثقال ذهباً وعشرين ثوباً ليناً وبغلته ( دلدل ) وحماره ( عفير ) ومعهم خصى يقال له : مابور وهو شيخ كبير وبعث كل ذلك مع حاطب بن أبي بلتعة وعرض حاطب على مارية الإسلام ورغبها فيه فأسلمت وأسلمت أختها وأقام الخصي على دينه حتى اسلم بالمدينة في عهد رسول الله ( ص ) فاعجب رسول الله ( ص ) بمارية وأنزلها بالعالية وكان رسول الله ( ص ) يختلف إليها هناك وضرب عليها الحجاب وفي ذي الحجة من سنة ثمان للهجرة ولدت مارية إبراهيم فدفعه رسول الله ( ص ) إلى أم بردة بنت المنذر بن زيد بن النجار فكانت ترضعه . وقالت عائشة : ما غرت على امرأة إلا دون ما غرت على مارية وذلك انها كانت جميلة من النساء جعدة واعجب بها رسول الله ( ص ) وكان أنزلها أول ما قدم بها في بيت لحارثة بن النعمان فكانت جارتنا فكان رسول الله ( ص ) عامة النهار والليل عندها حتى فرغنا لها فجزعت فحولت إلى العالية فكان يختلف إليها هناك فكان ذلك أشد علينا ثم رزق الله منه الولد وحرمناه منه قلت : إني أتعجب من غيرة عائشة على مارية كما ان من العجب حقدها على الصديقة الطاهرة فاطمة بنت رسول الله ( ص ) وكان من جراء ذلك انه توفيت فاطمة ( ع ) فجاء نساء رسول الله ( ص ) كلهن إلى بني هاشم في العزاء إلا عائشة فإنها لم تأت وأظهرت مرضاً ونقل علي ( ع ) عنها ما يدل على السرور . راجع اعلام النساء لعمر رضا كحالة ج 2 ص 852 ط دمشق . وتوفيت مارية في خلافة عمر سنة ( 16 ) ه ، ودفنت بالبقيع بالمدينة . انظر اعلام النساء . تاريخ الطبري . أسد الغابة . الإصابة . الاستيعاب . طبقات ابن سعد . تنقيح المقال . القاضي الطباطبائي